تعتبر قوّة الجيش و الإمكانيات التي يملكها في أيّ دولةٍ مؤشّرٌ على نفوذ الدّولة و قوّتها ، و يعدّ معياراً للتّمييز بين القوى العظمى و القوى النّاشئة ، و هو كذلك يؤشّر على مدى زيادة تأثير ونتائج الدّولة في المشهد السّياسي و العسكريّ على امتداد العالم كلّه .
و إنّ أيّ دولةٍ تتمتّع بحضارةٍ و سكانٍ و اقتصادٍ تسعى لحماية مقدّراتها و منجزاتها بما تمتلكه من ما هى اسباب القوّة الماديّة و المعنويّة ، فالقوانين المختلفة التي تشرّع هي حاميةٌ للمجتمعات و الأمم ، و لكن في كثيرٍ من الأوقات يضرب بالقانون عرض الحائط لتحلّ محلّه لغة القوّة العسكريّة ، و إنّ ما يشهده العالم المعاصر من طغيان القوّة العسكريّة على مشهد الأمور لهو خيرٌ دليلٍ على ذلك ، فترى الدّول التي يكون جيشها ضعيفاً هي الأكثر عرضةً للهجوم و استباحة أراضيها و التّأثير في قرارها السّياسي ، و يجب أن تترافق القوّة العسكريّة بالقرار السّياسي القويّ و الحرّ القادر على اتخاذ القرارات بمعزلٍ عن الضّغوطات و التّأثيرات ، فكم ترى من دولٍ تمتلك قوّةً عسكريّةً و لكنّها في الحقيقة غير قادرةٍ على تسخيرها في مصالحها المختلفة ، و حماية مواردها و اقتصادها .
و يعتبر الجيش الأمريكيّ من أقوى الجيوش في العالم ، بل هو أقواها على الإطلاق حسب البيانات ، فما ينفق على هذا الجيش من المليارات يجعله الجيش الأوسع انتشاراً و نفوذاً عبر العالم ، إذ تتحدّث الإحصائيّات عن انفاق الميزانيّة الأمريكيّة ما يقارب 600 مليار سنوياً على الجيش و الدّفاع الوطنيّ ، و لا ريب بأنّ هذه الميزانيّة هي كفيلةٌ بخلقٍ جيشٍ هائل النّفوذ مع توفّر إرادةٍ سياسيّةٍ حرّة ، و إذا تحدّثنا عن إمكانيّات الجيش بالتّفصيل فكثيرٌ من الإحصائيّات يمكن الحصول عليها من الإنترنت ، فالجيش الأمريكي الذي بدأت نواته بالظّهور في القرن السّابع عشر ، يمتلك الآن ترسانةً عسكريّةً هائلة ، تشتمل على ملايين المعدّات العسكريّة من دبّاباتٍ و طائراتٍ و حاملات طائراتٍ و قذائف مختلفةٍ و صواريخ عابرةً للقارات ، كما يمتلك الجيش الأمريكي ترسانةً عسكريّةً نوويّة جعلته القوّة النوويّة الأولى في العالم .
و يبقى أن نقول أنّ المعيار الأخلاقي هو المعيار الأهم في بقاء الأمم و الحضارات و استمرارها ، و الأمّة التي تفقد أخلاقها و قيم العدالة فيها هي أمّة زائلةٌ لا محالة و إن امتلكت كلّ ما هى اسباب القوّة.