تحكي قصص التاريخ ، قصصاً عن أمور التواصل والاتصال بين الناس في طرق ووسائل شتّى ، وكانت البداية مع الإنسان البدائي ، حيث لم يكن للغة أثراً واضحاً ، ولكن وبذكاء ينفرد فيه الإنسان ، كان خلاّقاً لطرقٍ يستطيع فيها أن يُفهم غيره بحاله ويرسل له أخباره .
لم يتوانَ الإنسان عن استخدام النار في إرسال رسالةٍ ، تفهم الآخر بما يريده ، حيث قام بإشعالها ليلاً بواسطة مشاعلٍ ، أمّا نهاراً فكان يستخدم الدخّان للإشارة إلى رسالة يريد إفهامها ، مع الأخذ بعين الاعتبار مدة الإشعال والمرّات المتكررة ، وما إلى ذلك من دلالات في المعنى المراد .
دائماً ما كان يلهج الإنسان منذ القدم إلى الإتصال مع الأشخاص الآخرين والجماعات الأخرى ، حيث كانت اللغة المنطوقة غير واضحة المعالم بعد، فقام بالكتابة عن طريق رسوم تعبيريّة تصويريّة ، كدلالة على فكرة صوتيّة أراد إيصالها ، لتظهر بعد ذلك الكتابة المسماريّة عند السومريين كأولى الأبجديات ، ومن بعدها أتت الكتابة الهيروغليفيّة في مصر عند الفراعنة ، ليظهر بذلك الإتصال وطرقه المباشرة فيما بين البشر .
إنّ الاهتمام بطرق ووسائل الإتصال قديماً كانت واضحة ، حيث استخدم المراسلين ، الذي كانوا يحملون رسائلاً مكتوبة وينقلونها من مكان لآخر على ظهر الجياد ، وأيضاً اعتمد على المترجلين في نقل الرسائل ، حيث كانوا يعتمدون العدائين في الجري السريع لإيصال الرسائل ، ومنهم من كان يعتمد التسلسل في الركض ، حيث يجري أحدهم لمسافة معيّنة ، ليلاقيه عداء آخر حيث يتلقّى منه الرسالة الشفهيّة ، ويعدو بدوره ليوصلها للهدف .
فيما بعد تمّ الاعتماد على الحمام الزاجل ، حيث استخدمه الإنسان قديماً ، إذا كانت تربط الرسائل في أرجله ليقوم هذا الحمام بنقلها إلى المكان المراد ، بعد أن يتمّ تدريبه وتعليمه على الطريق .
عرفت الإذاعة منذ البداية بواسطة المنادي ، الذي يقوم بالانتقال من مكانٍ لآخر ، وهو يبثّ الأخبار والمعلومات التي يُراد لها أن تصل إلى أهدافها ، ومنها ظهرت فيما بعد المهنة التي تعرف بـ ( الراوي ) .
كان الصينيون يستخدمون فيما بعد ما يعرف بالكتل الخشبية ، حيث يتمّ غمسها بالأحبار ، فتطبع بذلك الأشكال المرادة والرموز ، حيث كانت متّبعة هذه الطريقة منذ القرن الأول الميلادي ، لتكون تمهيداً لما يعرف بالطباعة ، حيث تمّ صنع أول مطبعة من قبل جوتنبرج وبكتلٍ خشبيّة وإنّما بحروف دقيقة معدنية ، ليتمّ في عام 1455 وباستخدام هذه التقنيّة ، بطبع أوّل كتاب وهو الإنجيل ، ليصبح فيما بعد أهمّية عظيمة للكتاب ، حيث تمّت طباعة الجرائد والكتب الكثيرة ، وزاد الوعي والثقافة بين البشر ، وتعدّدت العلوم وطرق ووسائل الإتصال ، وتطوّرت .