يعتبر عنصر الشّباب دعامة المجتمع و ركيزةً أساسيّةً فيه ، فالشّباب بما يملكه من طاقاتٍ هائلةٍ لهو قادرٌ على إحداث التّغيير المنشود في المجتمع ، فالأمم تنهض بهمّة الشّباب و عزيمتهم ، فهم دائماً في الطّليعة في الحرب و السّلم ، ففي الحرب تجدهم رأس الحربة في مواجهة الأعداء و الدّفاع عن حياض الأمّة ، و في السّلم تجد سواعدهم الفتيّة تشيّد البنيان ، و تمد قطاعات الأمّة المختلفة بالكفاءات البشريّة المعطاءة ، فالشّباب هم روح الأمّة و أملها ، يعتمد عليهم المجتمع و لا يستغني عنهم بحال .
و قد ركّز ديننا الحنيف على خلقٍ مجتمعٍ متكافلٍ تسود أفراده المودّة و المحبّة ، و إذا اختلف أيّ مكوّنٍ من مكونات المجتمع لجأ للحوار لحل خلافاته و مشكلاته ، و إنّ الحوار بين الشّباب بعضهم البعض مطلوبٌ لخلق مجتمعٍ متعاونٍ متآخي يسعى كلّ فردٍ فيه لإكمال دور أخيه في نظامٍ متكاملٍ بنّاء تظهر نتائجه و ثماره أفعالاً و أقوالاً ، فمبدأ الحوار موجودٌ منذ بدأ الله الخليقة و خلق آدم و أمر الملائكة بالسّجود له ، فأبى إبليس أن يسجد لما خلق الله معتزاً بنفسه مغتراً ، و حاور ربّه بأنّه خيرٌ منه حيث خلق من نارٍ و خلق آدم من طين و كان نتيجة الحوار أن أمهله الله تعالى إلى يوم يبعث الخلق ، ثمّ كانت سنّة الأنبياء و الرّسل تبليغ دعوة الله إلى النّاس و التّحاور معهم و الصّبر على ذلك ، فقد لبث سيّدنا نوح في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى دين الله فلم يكلّ أو يملّ راجياً رضا الله سبحانه .
فعلى الشّباب في وقتنا الحاضر التّمسك بسنّة التّحاور للوصول إلى الحقيقة و الفائدة و حلّ الخلافات بعيداً عن الجدل العقيم و العناد و التّمسك بالرّأي ، فالحكمة ضالّة المؤمن و الحقّ أحقّ أن يتّبع ، فعلى الشّباب عدم التّكبر عن قبول الحقّ إذا ما تبيّن لهم ذلك .
و إنّ بيان فوائد الحوار للشّباب لهو ركيزةٌ أساسيّةٌ في قبوله و قبول نتائجه ، و نحن أحوج ما نكون إلى لغة الحوار في عصرنا الحاضر حيث كثرت المشكلات بين الشّباب و أصبح العنف الوسيلة الأقرب و الأسهل لحلّ المشكلات بعيداً عن التّعقل ، و على الدولة بمؤسساتها المختلفة رعاية الشّباب و تأسيس نوادٍ لهم يجتمعون فيها و يتحادثون في جوّ من المودّة و الألفة و التّكافل ، و توفير الصّحبة الحسنة للشّباب لهو دافعٌ كبيرٌ لهم لتغيير أنماط تفكيرهم نحو الحوار بديلاً عن العنف .