بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله عز وجل :{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} صدق الله العظيم. جاء رسولنا الكريم بعقيدة لا مثيل لها حيث تجلّت حكمة الخالق في كتابه الكريم الذي نصّ على الشرائع والمحلل لنا من المحرّم، ولا شكّ أنّ القرآن الكريم نزل من عند الله كاملاً ليس فيه نقص، ولا خلل، ولا عيب يعاب به، وهنا في هذه الآية يقول الله للمؤمنين المظلومين بأنّه ليس بغافل، ولا نائم، بل هو يرى كل الظلم الذي يتعرض له المؤمنون وأنّه يعلم كل شيء من سرائر وخبايا ما يمكره الظالمون، وسبحان الله إنه خير من يخلص الحقوق للمستضعفين، ولكن هذا لا يعني أن المؤمن يجب أن يسكت عن حقه، بل يتوجب عليه الدفاع عن حقه ما إستطاع وعليه أن يكون من الأقوياء الذين لايهابون لأنّ المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
فها هو عمر بن الخطاب يعز الإسلام والمسلمين بإيمانه بالله وتصديق محمد، فصار يزيح الأذى عن المسلمين من الكفار المشركين، فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وإن الله ليظل في ظله يوم لاظل إلا ظله رجل قال كلمة حق في وجه سلطان جائر، لذلك توجب على المسلمين أن يتصدو للظلم بأشكاله وأنواعه حيث يأخذون حقهم ويقتصون من الظالم وينتظرون وعد الله في أخذ حقهم لهم في الآخرة.
على الإنسان أن يحاول أن يكون قوياً فإن لم يستطع_وهذه قدرات يعطيها لمن يريد ويأخذها من آخرين كيفما يشاء_عليه أن يحتسب ويصبر حتى يحين موعد النصر الإلهي الذي وعد به المظلومون من نعيم في الجنة لصبرهم وإحتسابهم ومن أخذ للحقوق في أن يجعل من ظلمهم في نار جهنم، فلقد حدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن خطورة الظلم وتفشيه وحذر الظالمين فقال أن الظلم سيكون ظلمات يوم القيامة.
وهذه الآية في سورة إبراهيم الأية 42 وكان سبب نزول الآية: أنّ المؤمنون كانوا مستضعفين في بداية الدعوة فكانوا يتزعزعون في بعض الأحيان فيقولون إن صاحبكم يعدنا بفتح بلاد الروم وكسرى ونحن لا نأمن على أنفسنا دخول الحمام وهذا كان في غزوة الخندق التي مرت على المسلمين بأوقات عصيبة صعبة فزلزلت الأنفس الضعيفة فيها.
ونرى كثيراً أن الله سبحانه وتعالى يعطي الجبابرة المزيد من القوة حتى يضن ذوي الأنفس الضعيفة أن رحمة الله بعيدة ولكن الله أقرب إلى الداعي من حبل الوريد فسبحانه وتعالى عما يظنه الظالون الذين يقولون أين الله ؟ ليسخط هؤلاء الظالمون، إنّ الله يختبر بإمهال الظالمين نفوس المؤمنين وينذر الظالمين إلى يومٍ تقشعر له الأبدان.
وأخيراً اللهم إجعلنا من الذين يجعلون خشيتك بين أعيننا.