بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
فقد عَرَّفَ العلماء علم التجويد بالكثير من التعاريف المتقاربة، ومنها هذا التعريف ومعنى الذي جاء في كتاب المنير في أحكام التجويد: « علم التجويد: هو العلم الذي يبحث في كيفيات نطق الحروف، والعناية بمخارجها وصفاتها، وما يعرض لها من أحكام، وما يتعلق بذلك وقفاً وابتداءً ووصلاً وقطعاً. وغايته بلوغ احسن وأفضل درجات إتقان التلاوة وتحسين القراءة. »
وعلم التجويد هو من العلوم الشرعية المهمة، وقد لقي عنايةً واهتماماً كبيراً من الكثير من العلماء، حيث قاموا بإعطائه نصيبه من البحث والتحقيق والتأليف، ويدل على هذا الأمر المؤلفات والمصنفات والتحقيقات والشروحات الكثيرة التي تم إنتاجها في هذا العلم المبارك. فعلم التجويد هو من العلوم المباركة، فهو يخدم كتاب الله تبارك وتعالى، ويعلم الدارسين له طريقة تلاوته تلاوة صحيحة خالية من اللحن والخطأ، ويعلمهم أيضاً طريقة تلاوة القرآن تلاوة مرتلة ومجودة وجميلة تليق بهذا القرآن العظيم.
واللحن الذي سبقت الإشارة إليه هو الخطأ في الإعراب، أو: هو الخطأ النحوي، وعند علماء التجويد يُعَرَّف اللحن بأنه الخطأ الذي يقع فيه قارئ القرآن أثناء قراءته، وقد يكون هذا الخطأ جَلِيًّا؛ أي واضحاً، مثل: إبدال حرف بحرف، أو تغيير حركة حرف ما، أو زيادة حرف، أو نقصان حرف، وغير ذلك من الأمثلة. وقد يكون هذا الخطأ خفيًّا؛ وهو الخطأ الذي يكون في شيء من أحكام التجويد، مثل: ترك الغنة، أو زيادتها عن الحد الصحيح، وبالعكس أيضاً. وترك المد، أو زيادته عن الحد الصحيح وبالعكس أيضاً. وغير ذلك من الأمثلة.
وقد ذهب العلماء إلى أن اللحن الجلي محرم، واختلفوا في اللحن الخفي، فقال بعضهم بأنه محرم، وقال البعض الآخر بأنه مكروه، ولسنا بصدد الخوض في تفاصيل اللحن الجلي وحكمه الشرعي، وإنما بينناه بشكل إجمالي حتى نؤكد على أهمية وفائدة ووجوب تعلم أحكام التجويد، فعن طريق علم التجويد يتمكن القارئ من تجنب الوقوع اللحن المحرم. فالواجب على كل مسلم أن يتعلم من هذا العلم القدر الذي يمكنه من تجنب الوقوع في اللحن والأخطاء أثناء قراءته للقرآن.
وقد أشار العلماء إلى أن تحصيل علم التجويد وتعلمه يتم بعدة طرق، ومنها أن يقوم الطالب الذي يريد تعلم هذا العلم بملازمة شيخ متخصص، وتلاوة القرآن عليه، ويقوم الشيخ بتلاوة القرآن أمامه، وشرح أحكام التجويد للطالب، ثم يقوم الطالب بإعادة ما قرأه الشيخ، ويستمر على هذه الحالة حتى يختم القرآن. ومن الطرق ووسائل الأخرى أن يقوم الطالب بالتعلم بشكل فردي، حيث يقوم بقراءة أحكام التجويد من كتب ومصادر موثوقة، واستماع الدروس والمحاضرات المسجلة للعلماء المتخصصين، ومن ثم يقوم بتطبيق ما تعلمه من تلك الأحكام على آيات القرآن، ويستمر على هذه الحالة حتى يبلغ درجة الإتقان.