قال تعالى في محكم تنزيله (لرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)، القوامة في اللغة من الفعل قام، أن يقوم عليها، فيكون أميناً عليها ويتولى كل أمورها بما يرضي الله عزَّ وجلَّ، وليس كما يفهم الكثيرون من هذه الآية بأن له القوامة عليها بالنهي والزجر كونه ذكراً، وعليها كونها أنثى. والتفضيل ليس رفعاً لشأن الرجل وتخفيضاً لمكانة المرأة، بل هو من أمور الترتيب الداخلي للبيت المسلم، فحين يكون أكثر من شخص؛ يجب أن يتولى أحدهم الإمارة لقوله صلى الله عليه وسلم (إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فِي سَفَرٍ ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدَكُمْ ، وَلا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ)، بالإمارة واجبة في الدين حتى لا يختلف الناس وتضيع المساءلة. وقد أقرَّ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة الإمارة للرجل على بيته وزوجته، فهي مسؤولة منه؛ ومن واجبه تلبية جميع حوائجها. والتفضيل في القوامة جاء للعديد من الما هى اسباب كما ذكرها الفقهاء، فمنهم من قال بانها لزيادة العقل والدين لدى الرجل، ومنهم من قال بأنها من أجل الدية، فالمرأة لا دية عليها، ومنهم من قال بسبب النبوَّة، فالمرأة لا تكون نبية، ومنهم من قال بسبب التَّرِكة، حيث يرث الذكر ضعف ما ترِث الأنثى. ولكن الغالب على كل هذه الآراء هو زيادة التكليف على الرجل منه على المرأة.
والأمر الآخر بالتفضيل هو الإنفاق، وهو ليس مِنَّة من الرجل على أهل بيته، بل هو فرضٌ عليه كونه المُعيل الأساسي للعائلة، ومن أوجه الإنفاق المأكل والملبس، فيجب على الزوج تأمين زوجته بما تحتاجه منهما وعلى قدرِ استطاعته قال تعالى (لا يُكلِّف الله نفساً إلا وُسعها). ومن الإنفاق كذلك المهر، وهو من الشروط الأساسية لإتمام عقد الزواج، ويجب على الزوج دفعه لزوجته عند إبرام العقد. فالرجل ملزمٌ بالنفقة على بيته؛ كون المسؤوليات الكبرى يلحقها واجبات كبرى، فليس التفضيل لرفعةِ الشأن، ولكنه لترتيب البيت الداخلي حتى لا تحصل خلافات يمكن أن تُنهي العلاقة الزوجية بسببها لو كان الإثنان على نفس الدرجة. فالرجل القوَّام؛ والمرأة عليها الطاعة في حدود طاعة الخالق، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه).
جاء تفضيل الرجل على المرأة في إدارة شؤون البيت؛ نظراً لما يتحمَّله الرجل وما عليه من تكليف أكثر مما على المرأة، فالرجل هو المسؤول عن إعالة زوجته وتلبية متطلباتها، ولذلك كان للرجل نصيباً مُضاعفاً عن المرأة في الميراث، فهو سينفق ما ياخذه على بيته وأهله، بينما المرأة غير مُلزمة بهذا الأمر. ليس لأن المرأة موجودة من أجل الخدمة وتفريخ الأطفال على حدِّ قولهم، ولكن لأن بُنية الرجل تختلف عن بُنية المرأة، فالمرأة لا تقوى على العمل الشاق الذي يقوم به الرجل، تكون جسدها لا يسمح لها بأن تقوم بأغلب الأعمال التي يقوم بها الرجل، فكان الأمر تخفيفاً عليها واحتراماً لفسيولوجيتها؛ وليس حطَّاً من قيمتها، فهي نصف المجتمع إن لم تكن أكثر من ذلك، والمهام المُلقاة على عاتقها كبيرة جداً، فهي التي تُربي وتصنع جيل المستقبل.
إن عاطفة المرأة الزائدة هي دليل قوتها، ولكنها لا تسمح لها أن تُدير شؤوناً تعجز عنها، فجعل الله الرجل هو القوَّام عليها وعلى شؤون البيت؛ لأنه أكثر عقلاً من المرأة وأقل عاطِفةً منها، فالعاطفة تلزم لتملأ البيت دِفأً وحناناً، ولكن العقل هو الأساس في تسيير الأمور الحياتية.