خلق الله تعالى الناس وجعل بعضهم مرتبطاً ببعض في معيشتهم وحياتهم، وجعل سبحانه من حكمته أن البشر بحاجة إلى من يسوسهم ويتولى أمرهم ويقوم على شؤونهم، ولا يصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم إلا بتنظيم أمورهم التي يرعاها ويقوم بها ولي أمرهم وإمامهم ، فما عاد للحياة طعم عندما اتسعت رقعة الأسرة ، وبدأت بالتخلخل ، وبدأ الأفراد بالابتعاد عن جوف الأسرة ، والعمل الجاد المستقل من أجل الحصول على فرص متعددة المجالات للإنتقال من مكان لآخر ، وعندما زادت فرص الحياة الإجتماعية ، وتعددت الأماكن التي من الممكن أن ترحل إليها الأسرة ، تراءت للمسؤول عن الأسرة احتمالات عديدة ، فهو في خضم هذه الأحداث لم يستطع أن يحافظ على أسرة متماسكة ومترابطة ، فالشاب أصبح يقضي معظم وقته مع رفاقه ، فيما تقضي الفتاة وقتها وحيدة ، تطالع شاشة الحاسوب أو شاشة المحمول الذي ترك بين يديها .
وهذه هي أسس الخلاف التي ظهرت في العهد الحديث ، ونتيجة للإنفتاح الإجتماعي والسياسي والأخلاقي ، أصبح هناك انعدام للمسؤولية ، وتهدم للأخلاق الانسانية والاسلامية ، وأصبح كل فرد في المجتمع يتصرف على هواه ، ولا تحكمه في الحياة أي قوانين ، أو قواعد ، وكانت الطامة الكبرى ، عندما تم الإنفتاح الحضاري من خلال الإنترنت والتلفاز وغيرها . وفي هذا المقال سنضمن لكم الحديث عن الراعي والرعية فتعرف ما هو الراعي ، ومن هي الرعية :
أولاً الراعي : هو الشخص الذي كلف من الأمام ، أو من الله عز وجل بمراقبة الأشخاص المقربين منه ، سواء في الأسرة أو في العمل ، والتأكد من استقامة حياتهم ، وسيرها بشكل صحيح ، وناضج ، فهو مكلف بذلك ، لأنه سيحاسب على ذلك فيما بعد ، والراعي هو الشخص المسؤول في نظر الناس والمجتمع عن مجموعة من الأفراد ، سواء في البيت أو في العمل أو في الرحلات وغيرها ، فرب العمل هو مسؤول ، والأم في بيتها مسؤولة ، والرجل في تأمين لقمة العيش مسؤول ، وحتى الشاب والفتاة فهما مسؤولان في الحفاظ على أنفسهما ، والمسؤول يعني الذي سيحاسبه الله فيما بعد على كل التصرفات الخاطئة التي تصدر منه ، بشكل أو بأخر .
أما الرعية : فهو الشخص أو حتى مجموعة من الأشخاص الذين قدر لهم أن يكونوا تحت طائلة المسؤولية ، ليتحملوا فيما بعد تبعيات أعمالهم ، وما جنته أيديهم ، فالرعية هم أفراد الأسرة ، والعمال في العمل ، والأطفال في الحضانة ، وغيرهم ، وهؤلاء مطالبون بالإنصياع لأوامر الراعي لهم ، لأن أي خلل سيصيبهم هو من سيتحمل تبعات الموضوع ، وعليه فإنه واجب الطاعة ، نظرا لأن الحياة التي نحياها هي صعبة جداً ، ولا يمكن أن يقوم من خلاله الفرد بالمضي قدماً، بدون الحصول على معلومات ممن يكبره سنا ، ومع ذلك فرغم وجود الراعي ، إلا أن هناك شيء يسمي الثقة ، التي لطالما أردنا أن نبنيها بيننا وبين الآخرين ، حتى أننا نشعر أن حياتنا لا شيء بدون الثقة ، فإن استطاع الراعي أن يزرع في نفوس رعيته الثقة ، فإن ذلك يتضمن الحصول على ما تريد في الحياة بإذن الله ، فقط كن على يقين أن الراعي أوجده الله ليحميك ويحافظ عليك ، وعليه يجب أن تكون على قدر عال من الاحترام والتفاني في الأخلاق الحميدة .