الحليب
يحتل الحليب ومنتجاته مكاناً أساسياً في تغذية الإنسان منذ القدم، ويختلف استهلاك الحليب من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى اختلاف استهلاكه من فردٍ إلى آخر (1)، وسنتحدّث في هذا المقال عن فوائد الحليب ورأي العلم في تناوله.
فوائد شرب الحليب
أهمّ مكوّنات الحليب البقريّ
يشكل الماء 87% من تركيب الحليب (12)، ويحتوي الحليب على العديد من المكونات، وتشمل الليبيدات (الدهون) والبروتينات والأحماض الأمينية، واللاكتوز، وال?يتامينات، والمعادن، ويختلف تركيب الحليب باختلاف عدة عوامل، مثل مرحلة الرضاعة، والعمر، والفصيلة، وتوازن الطاقة والحالة الصحية للبقرة المنتجة للحليب (1)، وبالمعدل يحتوي اللتر من الحليب البقريّ على:
- 33جم من الليبيدات، وتشكل الدهون الثلاثية 95% منها، في حين يشكل الكولسترول أقلّ من 5% (1).
- 32جم من البروتين العالي بالقيمة الحيوية، ولذلك يعتبر مصدراً جيداً للأحماض الأمينيّة الأساسية، ويشكل بروتين الكازين 80% من البروتين الموجود في الحليب، وهو يعمل على حمل الكالسيوم والفوسفات وعلى تكوين الخثرة في المعدة لتسهيل الهضم، في حين يعمل بروتين الواي (Whey protein) في العديد من الوظائف الحيوية الأخرى (1).
- يحتوي كل لتر من الحليب على 1جم من الكالسيوم (1).
- يحتوي اللتر من الحليب على حوالي 985 ملجم من الفوسفور (12).
- المعادن الأخرى: مثل السيلينيوم واليود والمغنيسيوم والزنك (1).
- ال?يتامين أ: حيث يحتوي اللتر من الحليب على 280 ميكروجراماً (1).
- حمض الفوليك: حيث يحتوي اللتر الواحد من الحليب على 50 ميكروجراماً (1).
- ?يتامين الريبوفلا?ين: يعتبر الحليب مصدراً جيّداً لهذا ال?يتامين، حيث يحتوي اللتر الواحد من الحليب على 1.83 ملجم (1).
- ال?يتامين ب12: يعتبر الحليب مصدراً جيّداً لهذا ال?يتامين أيضاً، حيث يحتوي اللتر من الحليب على 4.4 ميكروجراماً (1).
- يحتوي الحليب على بقية ال?يتامينات الذائبة في الدهن، ال?يتامين ?، وال?يتامين د، وال?يتامين ك، بالإضافة إلى ال?يتامينات الذائبة في الماء، ال?يتامين ج ومجموعة ال?يتامينات ب (12).
الحاجة اليومية من الحليب
حددت دائرة الزراعة الأمريكية احتياجاتنا من مجموعة الحليب ومنتجاته كما يلي: كوبان أو ما يعادلهما للأطفال ما بين 2-3 سنوات، وكوبان ونصف أو ما يعادلهم لعمر 4-8 سنوات، وثلاثة أكواب أو ما يعادلهم لعمر 9- 18 سنة وللبالغين، بحيث تضمّنت إرشاداتهم تناول الحليب ومنتجاته القليلة أو خالية الدسم (6).
اختيار الحليب منخفض وخالي الدسم
تعتبر دهون الحليب مصدراً للدهون المشبعة والكولسترول المعروفة بأثرها الصحي في رفع كولسترول الدم الكلي، وخفض الكولسترول السيّئ، ولذلك يفضّل تناول الحليب ومنتجاته منخفضة أو منزوعة الدسم، وتشمل فوائد تناول الحليب ومنتجاته قليلة أو منخفضة الدسم ما يلي:
- بناء عظام أقوى وتخفيض خطر الإصابة بهشاشة العظام (2): يعتبر الحليب ومنتجاته مصدراً غنيّاً بالكالسيوم: حيث يعطي الكوب الواحد من الحليب أو اللبن المنخفض الدسم ثلث احتياجاتنا اليومية من الكالسيوم الضروري لصحة العظام، وقد وجدت الدراسات أنّ تناول الكالسيوم من المصادر الطبيعية مثل الحليب يفيد صحة العظام أكثر من الكالسيوم المضاف لتدعيم الأغذية أو المتناول من المكملات الغذائية، كما يتم تدعيم العديد من أنواع الحليب بال?يتامين د الذي له دوراً هامّاً في صحة العظام، كما أنّ له دوراً هامّاً في الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل السرطان وارتفاع ضغط الدم (2)، كما أنّ الحليب مهمّ لصحّة الأسنان (1).
- انخفاض خطر الإصابة بضغط الدم: وجدت الدراسات أنّ الأشخاص الأكثر تناولاً للحليب ومنتجاته المنخفضة الدسم تقلل من فرصة الشخص للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنةً بالأشخاص الأقل استهلاكاً لها (2)، حيث إنّ الحليب يعتبر مصدراً جيّداً للبوتاسيوم الذي ترتبط قلة تناوله وزيادة تناول الصوديوم بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم (3)، كما اقترحت بعض الدراسات دوراً للعديد من البيبتيدات الموجودة في الحليب في خفض ضغط الدم (1).
- خفض خطر الإصابة بالمتلازمة الأيضيّة: وجدت الدراسات أنّ الأشخاص الأكثر استهلاكاً للحليب ومنتجاته هم أقلّ عرضةً لزيادة قياس الخصر (مقياس للسمنة الوسطية) والمتلازمة الأيضيّة (مجموعة من الأعراض التي ترفع خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب) (2).
- التحكم في وزن الجسم: وجدت الدراسات ارتباطاً بين الكالسيوم المتناول من الحليب ومنتجاته وانخفاض تراكم الدهون وزيادة وزن الجسم (2)، كما وضّحت بعض الدراسات أنّ تناول الكالسيوم من منتجات الحليب وارتفاع مستوى الدم من ال?يتامين د قد يحفّز خسارة الوزن والتخسيس (5).
- يمكن أن يساعد تناول الكالسيوم بكميات كافية في الحمية، الأمر الذي يحقّقه تناول الحليب ومنتجاته، في خفض خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي وحصى الكلى (1).
- يعتبر الحليب ومنتجاته مصدراً جيّداً للبروتين، حيث يعطي الكوب الواحد من الحليب 17% من احتياجاتنا اليوميّة من البروتين (2)، كما يعتبر الحليب مصدراً للعديد من ال?يتامينات والمعادن الهامة لصحة الجسم (1).
- يساهم تناول الحليب في الصباح على الشعور بالشبع ممّا يجعلنا نتناول كميةً أقلّ أثناء النهار (7).
- يحتوي الحليب على التريبتوفان الذي يعتبر عاملاً مساعداً على النوم (8)، ويحتوي الحليب على بروتين اللاكتيوم (Lactium protein) الذي يساعد الأطفال الرضع على النوم بعد الرضاعة، ولكن الارتباط بين الحليب والنوم عند الكبار يعد ارتباطاً نفسياً بسبب التعود على ذلك أكثر من ارتباط أيّ من مكونات الحليب بالنوم بشكلٍ فعليٍّ، حيث إنّ كمية التريبتوفان التي نحصل عليها عند تناول الحليب لا تكفي لتحفيز النوم (9)، حيث يمكن لكوب من الحليب الدافئ إشعال ذكريات الشخص بأوقات طفولته عندما كانت أمه تساعده على النوم مع الحليب، مما يبعث السكينة والشعور بالراحة ويساعد على النوم (10).
- وضحت بعض الدراسات ارتباطاً بين تناول الحليب والكالسيوم وتخفيف أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية (11).
تأثير ونتائج دهون الحليب
تشكّل الأحماض الدهنية المشبعة أكثر من نصف الأحماض الدهنيّة الموجودة في الحليب، ومع أنّ بعض الأحماض الدهنية المشبعة الموجودة في الحليب الكامل الدسم لها تأثيرات إيجابيّة أو محايدة على صحّة الجسم، إلا أنّ البعض الآخر يرفع من كولسترول الدم والكولسترول السييء (LDL)، وقد وجدت بعض الدراسات العلمية ارتباطاً بين تناول الحليب ومنتجاته الكاملة الدسم مع ارتفاع كولسترول الدم، في حين وجد أنّ تناول الحليب ومنتجاته منخفضة الدهن لها تأثيرات إيجابية على كولسترول الدم، ولكن الجدير ذكر هنا هو أنّ الارتفاع في الكولسترول الناتج عن تناول دهون الحليب لا يعادل الارتفاع المتوقّع من كمية هذه الدهون.
لم تجد الدراسات ارتفاعاً في خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين من استهلاك دهون الحليب، في حين وجدت دراستان سويديتان ارتباطاً عكسياً بين تناول دهون الحليب وعوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتقترح دراسة نرويجية أنّ تناول الحليب له تأثيرات إيجابية تقلّل من خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب، كما ذكر بعض الباحثين أنّ الأحماض الدهنيّة الموجودة في الحليب تحسّن من تركيب الكولسترول السيّء (أي أنّها تقلل من مستوى جسيمات LDL الصغيرة الحجم الكثيفة والمرتبطة بأمراض القلب والشرايين).
يعتبر الحليب مصدراً للحمض الدهني أحادي اللا إشباع (حمض الأوليك) والذي يشكل حوالي ربع الأحماض الدهنية الموجودة في الحليب، وهو معروف بتأثيراته الإيجابية على صحّة الإنسان ودهون الدم، حيث يمكن أن يؤدّي استهلاك الحليب إلى رفع نسبة الأحماض الدهنية الأحادية اللا إشباع بالنسبة للأحماض الدهنية المتعدّدة اللا إشباع، الأمر الذي له تأثيرات مفضّلة على صحّة الإنسان تشمل حماية LDL من الأكسدة والوقاية من أمراض القلب والشرايين (1).
تبقى منتجات الحليب كاملة الدسم مصدراً للدهون والسعرات الحرارية، والتي يمكن أن تساهم في زيادة الوزن والسمنة، خاصّةً في نمط الحياة العصريّ (7)، ويجب علينا الالتزام بإرشادات دائرة الزراعة الأمريكيّة الرسمية التي توصي بتناول الحليب ومنتجاته القليلة أو خالية الدسم (6).
حالات عدم القدرة على تناول الحليب
يعاني الكثير من الأشخاص من عدم تحمّل سكر اللاكتوز، ولذلك يصعب عليهم تناول الحليب (3)، ويعاني البعض من حساسية تجاه بعض مكوّنات الحليب ويجب عليهم تجنّبه ومنتجاته تماماً، كما يمتنع البعض عن تناول الحليب لما هى اسباب متعددة (1)، ويجب تعويض عدم شرب الحليب بكميات كافية من مصادر أخرى للكالسيوم مثل: الحليب الخالي من اللاكتوز (في حالات عدم احتمال سكر اللاكتوز)، والخضار الورقية الخضراء، وعصير البرتقال المدعم بالكالسيوم، وحليب الصويا، كما يجب الحرص على تناول مصادر البوتاسيوم بكميات كافية، مثل الفواكه، والخضار التي تشمل؛ البندورة، والسبانخ، والبطاطا الحلوة، والموز، والبرتقال وغيرها (3).
المراجع
(1) بتصرف عن مقال Haug A., Hostmark A. T., and HArstad O. M. (2007) Bovine Milk in Human Nutrition – A Review Lipids in Health and Disease/ 6/ 25.
(2) بتصرف عن مقال WebMD/ 6 Reasons to Get Your Dairy/ 2006/ www.webmd.com/diet/6-reasons-to-get-your-diary?page=1.
(3) بتصرف عن مقال Jaret P./ WebMD/ The Pros and Cons of Milk and Dairy/ 2011/ www.webmd.com/diet/healthy-kitchen-11/dairy-truths?page=1.
(4) بتصرف عن مقال WebMD/ www.webmd.com/food-recipes/what-milk-can-do.
(5) بتصرف عن مقال Mann D./ WebMD/ Milk Drinkers May Lose More Weight/ 2010/ www.webmd.com/food-recipes/20100922/milk-drinkers-may-lose-more-weight?page=1.
(6) بتصرف عن مقال United States Department of Agriculture/ 2015-2020 Dietary Guidelines for Americans/ USA/ 2015.
(7) بالتوثيق من نور حمدان/ أخصائية تغذية/ 20-2-2016.
(8) بتصرف عن مقال Breus M. J./ WebMD/ 10 Tips to Get Better Sleep/ www.webmd.com/sleep-disorders/features/10-tips-to-get-better-sleep.
(9) بتصرف عن مقال Breu M./ WebMD/ Warm Milk, True or False?/ 2006/ blogs.webmd.com/sleep-disorders/2008/01/warm-milk-true-or-false.html.
(10) بتصرف عن مقال Bowers E. S./ WebMD/ Living With Insomnia: Get a Good Night"s Sleep/ 2014/ www.webmd.com/sleep-disorders/living-with-insomnia-11/natural-solutions?page=1.
(11) بتصرف عن مقال Magee E./ WebMD/ 2005/ www.webmd.com/women/features/ The-Pms-Free-Diet.
(12) بتصرف عن مقال Milk Chemistry/ www.ilri.org/InfoServ/Webpub/fulldocs/ilca_manual4/Milkchemistry.htm.