عيد الشهيد
عيد الشهيد أو عيد الشهداء كتعرف ما هو معروف هو مناسبةٌ وطنيّة يحييها السوريون واللبنانيون في السادس من أيار من كل عام، وكان اختيار هذا اليوم لإحياء ذكرى الشهداء الذين أعدموا في زمن الدولة العثمانيّة وذلك إبان الحرب العالميّة الأولى، وتحديدا في الفترة الواقعة بين الحادي والعشرين من آب عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسة عشر للميلاد، حتى أوائل عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة عشر ميلادي.
أما يوم السادس من آب من عام ألفٍ وتسعمئةٍ وستة عشر ميلادي، فقد شهد سقوط أكبر عددٍ من الشهداء نتيجة تنفيذ أحكام الإعدام فيهم من قبل السلطات العثمانيّة.
المحاكمة التي تم فيها إعدام الشهداء
عثرت السلطات العثمانيّة على عددٍ من الوثائق التي تتضمن عدة تواقيع من عددٍ من المناضلين في سوريا ولبنان، حيث قام هؤلاء بحسب تلك الوثائق بالطلب من الفرنسيين والإنجليز بالتدخل للتخلص من الحكم العثماني لبلادهم، وذلك إما عن طريق الطلب من الفرنسيين باحتلال لبنان، أو عن طريق الإلتحاق بالثورةِ العربيّة الكبرى.
بعد أن تم العثور على تلك الوثائق قام والي الشام العثماني (جمال باشا) بإقامة محكمةٍ صوريّة في منطقة عاليه في جبل لبنان، أصدر من خلال تلك المحكمة الحكم بالإعدام على عددٍ من الوطنيين السوريين واللبنانيين، وقد تم تنفيذ الحكم الصادر بالإعدام شنقاً على دفعتين: •الدفعة الأولى تم تنفيذها في الحادي والعشرين من شهر آب عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسة عشر ميلادي. •الدفعة الثانية قد تم تنفيذها في يوم السادس من شهر أيار عام ألفٍ وتسعمئةٍ وستة عشر ميلادي.
قد تم تنفيذ الحكم بإعدام المجموعة الأولى في ساحة البرج في العاصمة اللبنانيّة بيروت، وقد أطلق عليها لاحقاً ساحة الشهداء. أما المجموعة الثانية فقد تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم في ساحة المرجة في العاصمة السورية مدينة دمشق.
ذكرى عيد الشهيد
عانت الدولة العثمانيّة في بداية الحرب العالميّة الأولى من مشاكل وعيوب بنيويّة بالغة العمق الأمر الذي وضعها على حافة الهاوية من حيث القدرة على المحافظة على الوحدة السياسيّة، وبالتالي القدرة للتصدي للأطماع الخارجيّة، وكان في تلك الفترة قد مضى على الوجود العثماني في العالم العربي ما يقارب الأربعة قرون، أي بعد انتصار العثمانيين على المماليك في معركة مرج دابق، حيث سيطرت على مجمل البلاد العربيّة، ولعبت الدور الرئيس والمسيطر في منطقة الشرق الأوسط.
مع مرور الزمن ضعفت الدولة وتخلخلت قوتها، خاصةً بعد غياب سيطرة السلاطين الأوائل للدولة عن الحكم، حيث انتشر الفساد في أرجاء الدولة الشاسعة، فلم تستطع الدولة من الحد من هذا الفساد الذي أخذ يزداد شيئاً فشيئاً، ومن هنا تفتت الدولة في الشرق والغرب.
كانت سياسة الدولة العثمانية تقوم على فرض السيطرة ونهب الثروات في البلاد المسيطر عليها، واستخدمت سياسات التتريك للتراث اللغوي والحضاري في تلك البلاد، وعلى وجه الخصوص في بلاد الشام والعراق، الأمر الذي أدى لاشتعال جذور الثورة والتمرد في تلك المناطق العربيّة.
بدأت الثورات المطالبة بانسحاب الدولة العثمانيّة من الأراضي العربيّة، وازداد التنكيل من قبل الدولة العثمانيّة بتلك الشعوب في محاولة منها لفرض السيطرة على البلاد العربيّة، من خلال سياسة الترهيب والأحكام بالإعدام التي طالت العديد من الثوار والمناضلين والسياسيين والمثقفين في تلك المناطق، ومن هنا جاءت ذكرى يوم الشهيد.