اختلاف آراء العلماء والمذاهب
جعل الله سبحانه وتعالى الاختلاف بين البشر سنة من سنن الكون رحمة بالناس ورأفة بهم؛ فالاختلاف في المذاهب الفقهية ساهم بشكل كبير في رفع الحرج والمشقة عن المسلمين، فيجد المسلم أحيانا السعة في الآراء الفقهية والتيسير دون أن يشق على نفسه. إن مرد الاختلاف بين العلماء في الآراء والمذاهب الفقهية هو الدليل الذي يستنبطون منه هذه الأحكام، وغالبا ما يكون الاختلاف على حديث شريف لم يثبت قطعيا عن النبي - عليه الصاة والسلام - أو أن دلالة هذا الدليل هي دلالة ظنية؛ بمعنى أنها لا تدل دلالة قطعية على الحكم حلا أو تحريما أو كراهة.
هناك العديد من القضايا والمسائل الشرعية أجمع عليها جمهور العلماء أي غالبيتهم، مع وجود آراء مخالفة لها من قبل عدد يسير من العلماء، ومنها مسألة الصلاة على الشهيد، فتعرف على ما هى آراء الفقهاء في مسألة الصلاة على الشهيد؟
الصلاة على الشهيد
القائلين بعدم الصلاة على الشهيد
كرم الله سبحانه وتعالى أموات المسلمين بأن شرع للمسلمين أن يؤدوا صلاة على الميت، يدعون فيها ويستغفرون له، أما الشهيد وهو الذي يقاتل أعداء الله تعالى في المعركة، ثم تدركه الشهادة في سبيل الله فلا يصلى عليه برأي جمهور فقهاء المسلمين، مستندين في ذلك القول إلى أن النبي - عليه الصلاة والسلام - بعد غزوة أحد أمر بدفن قتلى المسلمين في ثيابهم وأجسادهم المضرخة بالدماء ودون أن يغسلوا.
تعليل هذا الحكم أن الشهيد يأتي يوم القيامة كلمه وجرحه ينزف ويفيض دما كما كان يوم استشهاده؛ فاللون لون الدم، والريح ريح المسك وذلك كرامة من الله تعالى، ومن كراماته أن يغفر له كل شيء إلا الدين وحق العباد، كما أنه يشفع في سبعين من أهله؛ وبالتالي فلا يحتاج الشهيد إلى أن يصلي عليه أحد؛ لأن الصلاة تشتمل على معاني الشفاعة، والثناء، الحسن، والتزكية.
تبنى هذا الرأي علماء الشافعية، وعلماء المالكية، ورواية عن الإمام أحمد، وهذا القول ينطبق على من مات من المسلمين في قتال البغاة؛ حيث روي أن المسلمين لم يصلوا على عمار بن ياسر - رضي الله عنه - حينما قتل في معركة صفين دفاعا عن الحق.
القائلين بمشروعية الصلاة على الشهيد
قد ذهب الحنفية وعدد من العلماء الحنابلة إلى مشروعية الصلاة على الشهيد دون وجوبها، مستدلين إلى رواية عن النبي - عليه الصلاة والسلام - مفادها أنه صلى على عمه حمزة يوم أحد وكبر تسع تكبيرات، وكذلك على رواية وردت في صحيح البخاري، وفيها أن النبي الكريم وقبيل وفاته صلى على شهداء أحد، والله تعالى أعلم.