مُقدِّمة
تُعتبر صلاة الفَجِر منْ الصّلوات الخمس التي أمر الله بها المُسلمين أنْ يؤدُّوها في أوقات مُختلِفة كلَّ يوم، قال الله سُبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) سورة النساء، 103. فالصّلاة سُميّت بذلك لأنّها صِلَة العبد بربِه، فإنْ أراد الإنسان أنْ يدعو ربه أنْ يُحقِق له شيئاً دعا في صلاتِه، وإنْ بكى الإنسان منْ مُصيبةٍ ما، شكى لربّه في صلاتِه، وإنْ سدّت حياته كُربة عظيمة، يدعو الله في صلاتِه، فيفُكّها عنه، ويُيسِر حياته، فالصّلاة نجاة للإنسان منْ همْ الدنيّا وعذاب الآخِرة، كما أنّها تنهى المسلم عن فعل المعاصي والمنكرات، قال الله سُبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) سورة العنكبوت، 45.
الفائدة العِلميّة منْ صلاة الفِجِر
يُداوم المُسلم دائماً على كلْ الصّلوات بسهولة ويُسر، لكنّ صلاة الفَجِر يعتبرها البعض من أصعب الصلوات على المسلم، وذلك لأنّ صلاة الفجر موعدُها يكون فيه الإنسان مستغرقًا في نومِه، لكنّ الله لم يأمُرنا بها كي ليشقينا أو يتعبنا في نومِنا، فقد قال تعالى في كتابِه العزيز: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) سورة طه، 102. ولله في أمره ونهيه حِكَمًا عديدة وفوائد تعود على الإنسان، من ذلك أنّ الإنسان إذا ما قام ساعة في اللّيل من نومِه حرّك فيها جِسمِه ليتحرّك دمِه، أصابه مرضاً قد يُؤدي إلى تجّلُط الدّم لديه، كما أنّ هِرمون النّشاط لدى الإنسان الذي يُطلِق عليه (الكورتيزون) يكون أعلى مُعدّل له عند دُخول صلاة الفجِر ويرتفِع معه منسُوب ضغطْ الدّم، وبالتالي يُنصَح الطّالب والأم ومنْ لديه أعمال أنْ يستغِل هذه الفترة في عمله لأنّه يكون أكثر نشاطاً فيها، لأنّ هِرمون الكورتيزون بعد ذلك يبدأ بالانحِدار، حتى يشعُر الإنسان بالتّعب والنُعاس فيقّل نشاطُه.
عدد ركعات صلاة الفَجِر
تختلِف صلاة الفجر عن غيرِها من الصّلوات وتُعتبر صلاة الفجِر أقل الصّلوات في عدد الرّكعات، فصلاة الفجِر تُصلى ركعتين فرضْ، وركعتين منْ السُنّة، لكنْ تُقدّم صلاة السُنّة على الفرض في صلاة الفجِر، وفي ركعتي السُنّة، نقرأ الفاتحة وسور قصِيرة من القرآن الكريم، أما في الفرض فنُصلِي ركعتين نقرأ في كل واحدة منهُما الفاتحة وسُورة قصيرة أو آيات صَغِيرة.
خُطوات صلاة الفَجِر
الوضُوء
تُوضّأ للصّلاة، فالوضوء هو أنْ تغسِل يديك ثلاث مرّات جيداً واحرِص على أنْ يكون الماء قد بَلَل كل أصابِعك إلى الرُسّغ، ثم مضمِض فمِك أيضاً ثلاث مرّات وإنْ كان شيء عالِقاً به نظّفهُ جيداً، ثم استنشِق الماء بأنفِك وأنزِله مرة أخرى ثلاث مرات، واغسِل وجهك جيداً ثلاث مرّات، دون أنْ تضرِب بيديك، حاول غسلُه بهدوء لأنّ الرسول صلّ الله عليه وسلّم نهانا عن ضربِ الوجه، ثم اغسِل يديك مرّة أخرى إلى الكُوع، واحرِص أن يصِِل الماء إلى الكُوع، فكثير منْ النّاس يغسِلون أيديهم ولا ينتبِهون إلى أنّ الماء لم يصِلْ إلى الكُوع، حيث أن وضوئك يُعتبر باطلاً، ولا تنسَ غسِل يديك ثلاث مرّات كباقي الأعضاء، اجعل الماء يلمِسْ شعرة واحدة على الأقل من شعرِك إنْ كنتِ أنثى، أما لو كنتَ رجلاً فعليك أنْ تمسح كل شعرِك بالماء، وامسَح أذنيك جيداً بالماء لمرّة واحِدة، ومنْ الجميل أنّ مسِح الأذُن بالماء منْ الخلف تُنشّط الإنسان، هذا ما أفاده العُلماء منْ علمِهم بالدّين، وآخر خُطوة بالوضوء، اغسِلْ قدميك بشكلٍ جيّد بالماء واجعلْ الماء يصِلْ إلى الجزء الأسفل منْ القدم أي إلى كعِب القدّم، ولا تنسَ أنْ تُردد الشهادتين " أشهد أنّ لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمد رسول الله" عند كل وضوء.
أركانْ الصّلاة
بعد أنْ قُمت بالوضوء جَهّز مفرش الصّلاة ووجّههُ إلى القِبْلة واستعدْ للصّلاة، وأنت تقف على المفرش ابصُق عنْ يسارِك، حتى لا يُوسوس لك الشّيطان أثناء الصّلاة، وارفع يديك مفتوحتين بجانب أذنيك قائلاً "الله أكبر"، ضعْ يدك اليُمنى فوق يدكَ اليُسرى فوق خصرك، وافتتح الصّلاة بدُعاء حتى يُبارك الله في صلاتِك "سبحانك الله وبحمدك تبارَك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك"، بعد ذلك ابدأ بقراءة الفاتِحة، وإنْ أردت أتبِعها بقراءة سُورة قصيرة، وبعد أنْ تنتهِي كبّر مرّة أخرى، ثم اركَع، فالرُكوع هو أنْ تضَع يديك على رُكبتِيك وتُردد (سُبحان ربي العظيم) ثلاث مرات، ثم ارفَع ظهرِك مرّة أخرى واحمد الله قائلاً "سمِعَ الله لِمن حمده، ربنا ولك الحَمد"، بعد ذلك قمْ بالسّجود، والسّجود هو أنْ تنزِل وتجلِس على رُكبتّيك، واضِعاً يديك ورأسِك على المفرش، لكنْ احرِص على أنْ ترفَع كوعك، فلا تضَع كل يديك على المفرش، وردّد (سُبحان ربي الأعلى) ثلاث مرّات، ومن ثم ارفع رأسِك واجلس على رُكبتيّك، ثم اسجد مرّة أخرى، انهَضْ وكرّر ما فعلتهُ بالرّكعة الأولى، وعندما تصِلْ إلى السّجدة الثانيّة اجلس مرّة أخرى على رُكبتِيك ولا تنهَض، لأنّك ستتلو التّشهُد، والتّشهُد هو " التّحيات لله والصّلوات الطّيبات، السّلام عليك أيّها النّبي ورحمة الله وبركاته، السّلام علينا وعلى عبادِ الله الصّالحين، أشهدُ أنّ لا إله إلّا الله، وأشهدُ أنّ مُحمدّاً رسول الله".
تلي التّشهُد الصّلاة الإبراهيمية "اللّهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آلِ سيدنا مُحمد، كما صَليّت على سيدنا إبراهيم وعلى آلِ سيدنا إبراهيم، وبارِك على سيدنا مُحمد، كما باركتَ على سيدنا إبراهيم، في العالمِين، إنّك حميد مجيد"، ونُسَلّم برأسِنا عن اليمين وعنْ الشّمال فنقول "السّلام عليكم ورحمةُ الله عنْ اليمين، ومثلَها عنْ الشّمال" ونُصلّي بعدها الفَرضْ، ونفعل كما فعلنا بركعتِي السُنّة.
كيف أداوِم على صلاة الفَجِر
كثيرٌ منّا يتمنون أنْ يُداوم على صلاة الفجِر، لكنّه يُخفِق في ذلك، فيضَع المُنبّه ولا يستيقِظ عليه، وينام مُبِكراً، وأيضاً لا يستيقِظ فينَام عنْ صلاة الفَجِر، كل ما فعلهُ من وسائل أو خُطوات تُساعدُه أنْ يستيقظ للصّلاة لكنّها تحتاج إلى ضبطْ أكثر وقواعد تُساعدُه على الصّلاة بوقتها.
النّية
يجب أنْ تتوفّر لديك النّيّة الصّادِقة والعزيمَة الثّابتة للصّلاة، أما أنْ تُسخّر كل الوسائل لإيقاظِك وأنت لا تنْوي الصّلاة، فلنْ تنفع أيْ وسيلة منْ هذه الوسَائل ما دُمتَ لا ترغب أنت بالصّلاة، فانْوِي منْ الآن أنْ تُصلِي الفجِر قبل أن تستخدِم أي وسيلة.
المُنبّه
لا يكفي أن تضبِط مُنبه وتنام كي تستيقِظ على صلاة الفَجر، إنّما يجب عليكَ أنْ تضَع المُنبه بعيداً عن موضِع نومِك، بحيث يُتيح لك أنْ تقوم منْ سريرِك لتطفئه، ولطالما أنّك قُمت عنْ السّرير فسيُساعدُك ذلك أنْ تبقى مُستيقِظاً، لكنْ إنْ وضعت المُنبّه بجانِب رأسِك أو بجانب الوسِادة، عندما يرّن ستفصِلُه وتُكمل نومِك، وإليك طريقة أنجَح منْ الأولى، تعاقَد مع صديقٍ لك، أنْ يتصل بِك وقت الفجِر، بشرْط أيضاً أن تُبعد الموبيل عن مَسنِد رأسِك، ولا يفصْل الموبيل حتى يتأكّد من أنّك قد أنهيت صلاة الفجِر.
لا تدخُل الحمام قبل النّوم
هذه طريقة مُجرّبة وجيّدة لتُوقظَك على الصّلاة، فقبل أن تنام اشربْ الكثير منْ الماء وإنْ شعرت أنّك بحاجة إلى الحمام فلا تدخُله، حتى تُوقظُك الحاجَة إليه وقت الصلاة ووقت المُنبّه، فلن تستطيع الرُجوع إلى السّرير والنّوم مرّة أخرى لأنّك بحاجة لأن تقضي حاجتِك، لكنْ يجب أن تُراعي ألا تُؤثِر هذه الطريقة على صحتك بكتمِك لحاجتِك لدخول الحمام وقضاء حاجتِك.
الشُعور بالتّبول
حاول أنْ تُوصي أحد أفراد عائلتِك ممنَ يُواظبون على صلاة الفجر في وقتِها، أنْ يوقِظوك على صلاة الفجِر، ولكي تكون عمليّة الإيقاظ أسهَل وأسرَع، فلتوصِهم أنْ يصّبوا عليك القليل من الماء، فعندما تشعُر وأنت نائِم أنّ مياهاً تتسرّب منْ ملابِسك، فتشعر كأنّك تتبّول، فتقوم مُسرِعاً منْ النّوم، لعلّكُم تستغربون من هذه الطّريقة، وتعتبروها طريقة مجنونَة، لكنْ نحن نقوم باللّجوء إليها إنْ فشلت الوسائل السّابقة.
هذه الوسائل ستُساعدُك إن شاء الله على صلاة الفجر كل يوم وبشكِل مُستمِر، فصلاة الفجر مليئة بالبركَة والرّزق، فاحرِصْ على أن تستغلّهم ولا تُضيّع هذه الفُرصة من بين يديك، كما أنّ شُعور المُسلِم في هذه الصّلاة يختلف عن أيْ صلاة أخرى، فالمُسلِم يشعُر بلّذة الإسلام، وحُلو الحياة ويشكُر الله على أنْ أنعمَ عليه بهذه الصّلاة وهذا الشُعور الجميل، شُعور الإسلام الحقِيقي.