لن يستطيع أي إنسان أن يتقدم في الحياة ويحقق غايته التي يطمح غليها وينشدها دون أن يتعرف إلى نفسه، ودون أيضاً أن يتصالح معها، فمعرفة النفس يجب أن تكون الغاية الأولى والعظمى للإنسان حتى يحقق غاياته وطموحاته وأحلامه المنشودة، لأنه عندما يعرف نفسه لن يفعل إلا ما يشبعها، وسوف يبتعد تلقائياً عما تكرهه مكن الأمور. إضافة إلى ذلك فإن معرفة النفس تساعد الإنسان على معرفة هدفه ومن ثم السعي الجاد وراء تحقيقه وبذل الغالي والنفيس لأجله ولأجل تحقيقه. ومن أهم الفوائد المرجوة من معرفة الإنسان لنفسه هي أنها تريح الإنسان من عناء التردد وعدم الثبات على المواقف خصوصاً عندما يكون الأمر متعلقاً بالنواحي الاجتماعية المختلفة أي عند التعامل مع الناس، فالناس لا يحبون ان يتعاملوا مع من لا يعرف مال الذي يريده الإنسان، لأنهم سيواجهون صعهوبة في معرفة ما يرضي هذا الإنسان وما الذي يزعجه، مالذي يحبه ومال الذي يكرهه.
ومن هذا الباب كان لزاماً على الإنسان أن يتعرف إلى نفسه قبل أن يقدم على القيام بأي أمر من الأمور المتعلقة به، لأن هذا الأمر يجعل الإنسان قادراً على أن يتخذ القرار الصحيح بطريقة لن تتعارض مع توجهاته وطموحاته المنشودة.
ولا يمكن لأي إنسان أن يتعرف إلى نفسه إلا بنفسه، حيث لا يمكن لأي شخص مهما كان أن يساعد الإنسان في سبر أغواره واستخراج ما يدول في خلده، فهو أقدر الناس على فعل ذلك، لا بل إنه الشخص الوحيد القادر على ذلك، حيث يمكنه القيام ذلك عبر التركيسز المستمر وعدم مجاملته لنفسه، فإن عدم الصراحة مع النفس من شأنها أن تحرف الإنسان عن مساره الصحيح، حيث ان بعض الناس يخافون من أن يصارحوا أنفسهم أو أن يعترفوا لأنفسهم بالحقائق، فيبدؤون بخلق الأعذاؤ والتوهم مما يسبب انحراف الإنسان عن هدفه الحقيقي الذي يسعى وراءه.
كما أن الإنسان إضافة إلى صراحته مع نفسه يتوجب أن يعرف ما الذي يحبه وما الذي يكرهه، لأن ذلك من شأنه أيضاً بحقق للإنسان معرفة كاملة بنفسه. إضافة إلى ذلك وهو الأهم والذي ربما لا ينتبه إليه العديد من الناس، يجب على الإنسان حتى يعرف نفسه أن يتخلص من كل ما ارتبط به وغطى على جوهره وحقيقته التي خلقه الله تعالى عليها، وأن يعتقد بوهميتة هذه الأشياء، حتى يصل إلى نفسه ويحررها ويجعلها قادرة على الظهور والبروز أمام عينيه.
