لا شكّ بأنّ المسلم الملتزم بدينه يكون حريصاً على إرضاء الله تعالى و اجتناب ما يغضبه ، فرضا الله سبحانه و تعالى غايةً للمسلم ، فهو حين ينال رضا الله يكون قد نال خير الدّنيا و الآخرة ، و على النّقيض من ذلك فإنّ غضب الله تعالى على الإنسان قد يؤدّي به إلى النّار ، و إنّ الله سبحانه و تعالى قد بيّن لعباده طريق الخير الذي به يتحصّلون على رضوانه ، كما بيّن لهم طريق الشّر الذي بسلوكه يستحقّون غضب الله و سخطه ، فالمسلم يسعى دوماً لعمل الطّاعات و الأعمال الصّالحة و يجتهد في ذلك ، و يتجنّب عمل المنكرات و المعاصي ، و إنّ أوّل مخلوقٍ نال غضب الله تعالى بعصيانه لأمر الله هو إبليس لعنه الله ، فقد رفض السّجود لآدم تكبّراً منه و اعتقاداً بأفضليّة خلقه على خلق آدم ، فكان جزاؤه أن غضب الله عليه و لعنه ، و من بين الأقوام الذين غضب الله عليهم قومٌ من بني اسرائيل حين كفروا بنعمة الله و اتخذوا العجل ليعبدوه من دون الله و عصوا أمر ربّهم ، قال تعالى ( قل هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) ، و يتساءل الإنسان أحياناً كيف أعرف أنّ الله غاضب علي ، و الحقيقة بأنّه قد يدرك الإنسان ذلك و قد لا يدركه ، بمعنى أنّ الله سبحانه و تعالى يملي للظالمين أحياناً و يمدّهم في طغيانهم يعمهون و بالتّالي من فتنة الله لهم أنّهم لا يشعرون و هم يظلمون أنفسهم و يظلمون النّاس أنّهم يرتكبون جرماً ، و هذا من الضّلال الكبير و العياذ بالله .
و حتى يعلم الإنسان هل الله تعالى راضٍ عنه أو غضبان يجب أن ينظر إلى حاله و مقامه ، فإن كان مقيماً على الطّاعة بعيداً عن المعاصي و الكبائر ، فهو بلا شكٍّ يعمل ما يرضي ربّه عنه ، و إذا كان مقيماً على المعاصي و الذّنوب مصرّاً عليها ، يجب أن يعلم أنّ ذلك ممّا يستوجب غضب الله تعالى و سخطه .