لم تشهد البشرية حروباً ضارية أزهقت ملايين الأرواح، كما شهدت في القرن العشرين وتحديداً، في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأولى على مآسيها العظيمة هي أخف وطأة من الثانية، فالثانية تعد من أبشع الحروب على مستوى البشرية على الإطلاق هي حرب مجنونة، دمار شاملة، حرب إبداة جماعية، حرب غايتها الأولى الإفناء، الجنون كان سمتها العامة، والتكبر والطغيان الذي وصل إليه البشر في هذه الحرب لم يشهدوا مثله في سابق عهدهم، فالقنبلة النووية هي أقذر مخترعات البشر على الإطلاق، صنعها للتكبر والعجرفة والقتل وسفك الدماء، عذراً ليس ليفك الدماء لأنه بمجرد إلقائها على منطقة معينة لن يكون هناك دماء لتسفك سيتبخر البشر بدمائهم !!!!
كل هذه الصراعات هي في ظل ذروة التقدم التكنولوجي والتقني الذي وصلت إليه البشرية عبر عمرها الممتد إلى آلاف السنين، فمنذ آدم إلى بداية القرن العشرين لم تشهد البشرية تقدماً تكنولوجياً كهذا التقدم الذي شهدته البشرية في هذا القرن وعلى كافة المستويات والأصعدة، فالتقدم في المجال الطبي والتقني والتسليح والصناعة شئ مذهل يجعل العاقل حيران مذهولاً أمامه، هذا التقدم هو سلاح ذو حدين فتارة يستخدم لتعرف ما هو خير البشرية وتارة يستخدم لتعرف ما هو شر للبشرية كما ظهر في الحربين العالمتيتين.
خلق الله الإنسان ليعمر الأرض، كلمة واسعة تقليدية مع صحتها، فالله خلق الكون قبل خلق الإنسان بفترة طويلة تقدر بملايين السنين، ثم خلق الإنسان، حتى يكون خليفة له في هذه الأرض، ويحافظ عليها، وزوده بالعقل والروح لمساعدته على التغلب على ما يعترض طريقه من مواقف صعبة، ولمساعدته على التقدم والتطور. ولكن الأهم من ذلك هو أن الله خلق الإنسان ليعمر الأرض عن طريق الوصول إليه، ومعرفته عن طريق تجليه في مخلوقاته، فالله عز وجل يريد الإنسان أن يكون دائم الالبحث عن الكمال وعن الحقيقة المطلقة التي لا يمتلكها إلا الله تعالى، فكلما اقترب الإنسان من صفات الله عز وجل كلما استطاع الوصول إلى حالة لم يعشها من قبل، حالة تجعله منارة لكل من حوله.
فلم يكن الهدف من خلق الإنسان هو القتل والتدمير والعبثية والجنون، بل إن الهدف هو أن يحمي الناس بعضهم البعض ويعتنوا ببعضهم ويأخذوا بأيدي بعضهم، فالجميع متساوون عند الله على الاختلافات التي بينهم، فالجميع شركاء بالإنسانية، ولكن كما ظهر من الحربين العالميتين، أنه عندما استطاع الإنسان الوصول إلى التقدم والتطور المنشود حدث ما لم يكن في الحسبان، فلقد ظهر أبشع ما في الإنسان ...