يثار الجدل أحيانًا كثيرة بين المسلمين حول مفهوم وتعريف ومعنى السّلف الصّالح، وترى كلّ فرقةٍ من الفرق الإسلاميّة تزعم بأنّها على منهج السّلف الصّالح، وربما حملها هذا الإدعاء إلى التّناحر والتّباغض فيما بينها وربما الاقتتال في أحيانٍ كثيرة وهذا نراه عيانًا في بعض البلدان التي استعرت فيها نار الحرب الأهليّة نتيجة اعتقاد كلّ فرقةٍ أنّها على الصّواب والحقّ الذي لا يأتية الباطل من بين يديه، فتعرف ما هو مفهوم وتعريف ومعنى السّلف الصّالح ؟، ومن هم الذين يشملهم مفهوم وتعريف ومعنى السّلف الصّالح ؟ .
بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الشّريف أنّ خير القرون هم قرنه ثمّ الذين يلونه ثمّ الذين يلونهم، وبالتّالي يعلم من هذا الحديث الشّريف أنّ احسن وأفضل النّاس هم من لازموا النّبي الكريم وأخذوا عنه الدّين والشّريعة والقرآن وهم الصّحابة الكرام، وقد تبعهم في ذلك المنهج التّابعين الذين اقتدوا بمنهج الصّحابة وساروا على أثره لأنّه منهج النّبي الكريم عليه الصّلاة والسّلام، ثمّ لازم التّابعين تابعي التّابعين الذين لم يختلفوا كثيرًا عن عهد الصحابة، فيطلق العلماء لأجل ذلك مفهوم وتعريف ومعنى السّلف الصّالح على هؤلاء أي على الصّحابة والتّابعين وتابعي التّابعين وهذا مفهوم وتعريف ومعنى السّلف الصّالح من النّاحية الزّمنيّة، وقد تحدّث بعض العلماء عن معنى مفهوم وتعريف ومعنى السلف الصالح من ناحية الاعتقاد أي أنّ كلّ من سار قديمًا على منهاج النّبي الكريم بدون أي بدعةٍ أو تحريفٍ فهو من السّلف الصّالح، ويستدل أصحاب هذا الرّأي بحديث النّبي الكريم حين بيّن أنّ اليهود قد افترقوا احدى وسبعين فرقة وأنّ النّصارى افترقوا اثنتين وسبعين فرقة وأنّ المسلمون سوف يفترقون ثلاثة وسبعون فرقة كلّها في النّار إلاّ ما كان منها على منهج النّبي وأصحابه، وفي روايةٍ أخرى السّواد الأعظم من النّاس، وبالتّالي يفهم من هذا الحديث الشّريف أنّ كلّ من اقتفى أثر الصّحابة والسّلف من العلماء والعامّة هو سلفي من ناحية المعتقد والمنهج، وأنّ كلّ مسلمٍ ابتدع في الدّين ما ليس فيه أو حرّف شيئًا معلوماً منه بالضرورة أو أنكره فهو على خلاف منهج السّلف الصّالح .
وأخيراً على الفرق الإسلاميّة المختلفة أن تدرك بأنّ من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة تحقيق الوحدة والتّعاضد بين المسلمين حتّى يكونوا كالبنيان الواحد، وهكذا كان الرّعيل الأول من المسلمين والسّلف الصالح، وإنّ أي انشغال عن هذا المقصد بأمور جانبيّة وخلافات فرعيّة تسبّب التّناحر بين المسلمين وتفتّ من عضد الأمّة وتجعلها معرّضةً لهجوم الأعداء وتكالبهم.