بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أحمده على ما وفقنا و جعلنا من حملة الكتاب ، وأشكره على ما أولانا وهدانا لطريق الصواب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها ليوم الحساب ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أحبٌ الأحباب إلى رب الأرباب ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الألباب وبعد ،
فقد نزل ببلاد المسلمين في زماننا هذا من البلاء الكثير ، و صارت الفتن تعم الأرض من مشرقها إلى مغربها ، و من شمالها إلى جنوبها ، و انظروا إلى ما حل في فلسطين و في العراق و في ليبيا و في السودان و في تونس وفي سوريا و في أرض الكنانة مصر ، كم من قرى دمرت و منازل هدمت ، سفكت فيها دماء الأبرياء ، و روع فيها الأمناء ، و احتار فيها العقلاء ، و تقاتل فيما بينهم الجهلاء ، و نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، و تركوا سنة نبيهم ففاتهم من الخير الكثير، و ما كان هذا إلا مصداقاً لقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه و سلم - : (ستأتي فتن على أمتي كقطع الليل المظلم يصبح الحليم فيها حيراناً فيصبح فيها الرجل مؤمناً و يمسي كافراً ويصبح الرجل كافراً ويمسي مؤمناً يبيع دينه بعرض من الدنيا) .
وقد يسأل سائل : إن كان الأمر كذلك فما سببه ؟ وما الواجب علينا فعله ؟ وأين نجده ؟
و جواب هذا في حديث الهادي البشير -صلوات ربي وتسليماته عليه- : عن العرباض بن سارية قال : ( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ، فَقَالَ : (( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ ، وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيّاً ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)
و في قوله -صلى الله عليه و سلم- : (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) .
لأن فيهما المخرج من الفتن و رفع الكرب والبلاء و لقد تأمت في القرآن الكريم بعد أن دعوت ربي بأن يفتح علي و أن ينير بصيرتي لأخرج لكم بمخرج من تلك الفتن و باب لرفع البلاء و سيكون ذلك في عدة مقالات إسبوعية تنشر تباعاً ، أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه ، آمين .