امتحان الله تعالى لعباده هو من أجل إظهار معادن الناس وطبيعتهم، فبالامتحانات يحدث التمايز بين الناس، ويظهر مدى إيمانهم بالله تعالى. والله تعالى هو الرحيم بعباده وهو الذي يعلم ما الذي دفعهم إلى ان يفعلوا ما فعلوه، كما أنه سبحانه وتعالى يعلم طبيعة النفس البشرية، فهي نفس ضعيفة، تعصي وتطيع. لهذا كله فالله تعالى يحب أن يطهر الناس من ذنوبهم قبل وفاتهم وذلك حتى يدخر لهم الأجر في الآخرة ويكفر عنهم سيئاتهم في الحياة الدنيا، لهذا يكون الابتلاء، ويجب على المسلم أن يظهر الصبر والرضا بأمر الله تعالى وقدره، وأن يعمل كل ما بوسعه من خيرات، حتى يعود أبيض نقياً كيوم ولدته امه بدون أية ذنوب.
هذه هي ببساطة فلسفة البلاء، إلا أن البعض يخلط الأوراق في حال رأى مصيبة أو كارثة وقع فيها البعض من الناس، فيبدأ بالتألي على الله تعالى ويفترض انهم من العصاة لهذا استحقوا هذا العقاب الإلهي، ولا يدري أن المشاكل وعيوب والكوارث وغيرها هي من سنة هذا الكون وان الخير هو العام وأن الشر يكون بشكل جزئي وخاص، لغايات يعلمها الله تعالى، وما ابتلي به من لا يعرفون سبيلاً لله – على حد قولهم – قد يبتلى فيه من هم قريبون إلى الله، فالبلاء لا يكون لجماعة دون الأخرى، بل هو للجميع. ولكن أتباع الرسالة المحمدية السمحة ينظرون إلى البلاء على أنه من أنواع تكفير الذنوب ويعملون بكل الوسائل على الثبات والصبر مع إظهار أرقى معاني الإنسانية فيه، وبهذا فالدعاء وصفاء القلب هما من احسن وأفضل الأشياء التي تزيل الغم والهم والحزن عن الناس، وبهما يتقرب الإنسان إلى ربه وتعلو رتبته، فيخرج من المحنة التي أصابته احسن وأفضل من الأول، حيث يخرج صابراً محتسباً راضياً قانعاً بأن ما عند الله خير وأبقى، وأن هذه المصيبة عندما أصابته طهّره الله تعالى من ذنوبه التي اقترفها وخطاياه التي أخطأها.
المعاملة الحسنة مع الناس وإظهار الإنسانية التي يحبها الله تعالى من شانها أن تعمل على رفع المصائب والكوارث التي حلت بالناس، إذ إن الله تعالى يحب الأخلاق الحسنة ويجب كل تعرف ما هو إنساني وكل تعرف ما هو جميل، فالخير هو ما خلقه الله تعالى، والحب والرحمة هما ما دعا الله تعالى إلى نشره في كل الأرض وبين كل البشر، والسلام هي الحالة التي أرداها الله تعالى، لأنه بالسلام يستطيع الناس أن يعملوا مع بعضهم البعض حتى يحققوا غاية الله تعالى فيهم.