الحمد لله رب العالمين، رب العباد أجمعين، ربنا ورب آباءنا الأولين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين، خاتم الأنبياء والمرسلين، علم الهدى ونور الحق المستبين، وعلى صحابته الغر الميامين، الصادحين بالحق المبين، جنود رب العالمين، الصابرين المرابطين المحجلين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن ما تمر به أمتنا اليوم من واقع أليم حزين، ليفرض علينا أن نتوقف ولو للحظات لنتأمل ما وصلنا إليه من الذل والهوان على العباد، ونشخص المرض ونصف الدواء، علنا نكون بهذا قد أدينا ولو جزءًا بسيطًا من واجبنا.
أمة الإسلام إنك ما هنتي إلا بعد ما تركت دين رب العالمين، وتمسكت بسفاسف الأمور، وتنازعتِ وتقاتلتِ من أجل دنيا فانية لا خلود فيها، هُنتِ بعدما قررت اتباع الغرب وتقليدهم تقليدًا أعمى في كل شيء حنى أصبحتِ إمعة، تقاد وتساق بسهولة ويسر دون كلف أو تعب، بعدما تركتِ فرض ربك لمتابعة مباراة هنا أو مسلسل هناك، سمحتَ لهم بغزوك فكريًا، ومكنتيهم من إدخال معتقداتهم الفاسدة إليك أنت يا من تملكين معينًا صافيًا من بارئ الوجود وموجد الأكوان، نسي أو تناسى أبناؤكِ من أنت، وما تاريخهم، وبطولاتهم، وفتوحاتهم، نسوا أن أجدادهم هم من علم البشرية وقادوها عمرًا طويلًا من الزمان، أن أجدادهم من علم الأوروبيون، واكتفوا فقط بإبداء الإعجابات والتقليد والتبعية لهم، ألهذا الذل وصلنا بعد عزنا!، ألهذا الهوان وصلنا بعد قوتنا!.
ولكن رغم كل هذا هناك بصيص أمل قادم من بعيد، صحيح أنه ضعيف خافت، ولكن ستأتي لحظة يصبح فيها قمرًا مضيئًا، وشمسًا ساطعةً، إذا ما أردنا نحن هذا؛ لأن الله ما كان مغيرًا حال قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم من السوء والضياع والبعد عن الله.
فلهذا فلتنفضي يا أمتنا عن نفسك الذل والانكسار، ولتتمسكِ بشرع الله الحكيم الكامل، ولتتركي التقليد الأعمى للغرب، ولنتباهى نحن أبناؤها ونزهى على العالمين أن لنا شرعًا حكيمًا، ورب جليلًا، لن يتركنا، ولن يسلمنا، ولن يسمح لشرعه ودينه بالاندثار، فلنسارع في خدمة ديننا قبل أن تنفذ بنا سنة الاستبدال ويستبدلنا ربنا لأجل هذه الغاية، ولنكن جنود رب العالمين المخلصين الموحدين، ولننصر شرع الواحد الأحد، فشرعه فيه فسحة من الأمل والعمل، والجد والهزل، والعبادة والراحة، فهناك من فهم الدين خطأً، فظنه عبادة رهبانية، ظنه روحانيات فقط، ولكن الدين كامل مكتمل من عند الله الكامل، فهو يهتم بالروح والجسد على حد سواء، ويدعو إلى الحق في الاعتقاد، والإخلاص في العمل، والحب في التعامل مع بعضنا، وكذلك يدعو إلى السلام والأمان والمحبة.
يا أمة الإسلام لقد كنتي وما زلت وستبقين خير أمة أخرجت للناس، فصلاح العالم مرتهن بك، وهديه هي مسؤوليتك، أخلاقك الحسنة ومعاملاتك الطبية ستعكس عند الغرب صورة الإسلام العظيم، فاعلمي على جعل تلك الصورة ومشرفة مضيئة، لذلك على أبناء الإسلام الالتزام بأخلاقه؛ لأنه قد يكون هو القرآن الكريم الذي سيقرأ، فكن كرسول الله عندما سُئلت إحدى زوجاته فقالت: "كان قرآناً يمشي على الأرض".
والحمد لله رب العالمين.