لقد أنعم الله سبحان وتعالى على الإنسان بنعم كثيرة، ومن أعظمها أنه جعل صاحب الذنوب والمعاصي يشعر بذنوبه التي ارتكبها من خلال علامات و دلائل تظهر في حياته، وهي بمثابة تنبيه إلهي بضرورة العودة إلى الله واستغفاره، لكي يُزيل الله عنه الهم والحزن، ومن بينات عصيان العبد لربه حرمانه العلم، وسعة الرزق، وضنك الحياة الدنيا، والوحشة بينه وبين الناس، وتعسير الأمور، وظلمة يجدها الإنسان في قلبه وحياته، والمرض، والخوف والجزع، وغيرها العديد من العلامات و دلائل والآثار التي يرحمنا الله بها؛ كي نرجع إليه ونستغفره ونطلب الرحمة منه فقط، فقد قال تعالى في محكم التنزيل: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"، فهنا يُبشر الله من يُعرض عن إطاعته وإقامة ما أمر والنهي عمّا حرم بمعيشة كلها تعب وكلل وملل، ولا بركة فيها.
كما أن الله إذا أحل بقوم خراب ودمار وضيق في الحياة والرزق، ومصائب تلو المصائب، فإن الله تعالى قد أخبرنا في القرآن بأنه لم يهلك قرية إلا بسبب فساد أهلها، في قوله تعالى: " وَتِلْكَ ?لْقُرَى? أَهْلَكْنَـ?هُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا"، وفي قوله: "فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ?لْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"، وهذه إشارة أيضاً للأفراد والمجتمعات على السواء، بأن الهم والحزن والمصائب لا تكون إلا بما كسبت أيدي الناس، ولو نظرنا الآن إلى الواقع المرير الذي تعيشه البشرية، لاسيما المسلمين؛ فسنجد أن سبب الهم والحزن والضنك والغم والضيق والأمراض والأوبئة، وغيرها الكثير من المحن والابتلاءات؛ هي الذنوب والمعاصي.
والضنك الذي نتحدث عنه ليس ضنك القلب فحسب، بل ضنك في المال والرزق، وفي البيوت والأطفال والأزواج، وفي كل شؤون حياة المسلم. وإن رأيته في الظاهر يتقلب في ألوان النعيم. لذا فإن المعصية شؤم على أصحابها من الأفراد والأمم والشعوب، شؤم عليهم في الدنيا والآخرة، لذا فإن المطلوب منا في هذه الأيام الشداد، أن نرجع إلى الله، ونتوب إليه توبة نصوحة، وأن نترك طريق المعاصي والآثام، ونلجأ إلى الله، فهو حسبنا وهو نعم الوكيل، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأرحم بنا من أمهاتنا.
ولو تأملنا حالنا اليوم، سنجد خمس خصال موجودة فينا، ومنطبقة علينا تمام التطابق، فلنتأمل مثلاً "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون. يقول الدكتور محمد علي البار في كتاب الأمراض الجنسية: إن الطاعون اسم لمسمى الفيروسات الفاتكة التي تفتك بالبشرية، إذا شاع فيها الفاحشة ، والفاحشة مسماها في أمرين: في الزنا وفي فعل قوم لوط، والعياذ بالله، هذه الفاحشة انتشرت اليوم بين المسلمين، ففتحت لها دور البغايا في الكثير من الدول، من قننت وأعطت للباغيات والمومسات صكوكاً كترخيص السيارة تمارس هذه الدعارة التي وصفها الله بالفاحشة في قوله تعالى": وَلاَ تَقْرَبُواْ ?لزّنَى? إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً".