التوبة
لا يخلو بشرٌ من ذنب، وهذهِ حقيقةٌ يجِب على الجميع أن يُوقِنَ بها، خُصوصاً وأنَّ طبيعةَ البشر ليست ملائكيّة بل هيَ طبيعةٌ فيها المَيل إلى حُبِّ الشهوات والمتعة، ولهذا فقد حُفّت النار بالشهوات، ولعِلم الله سُبحانهُ وتعالى بطبيعة البشر فقد فتحَ لهُم باب التوبة من الذنوب، وهذا الباب من ما هى اسباب رحمة الله بعباده وتخفيفاً عنهُم، وقد ورَد في الحديث الذي رواه الإمام مُسلم في صحيحه أنَّ النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم قال:( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)، والله جلّ جلاله يُحبّ التوّابين ويُحبّ المُنيبين إليه، ويفرحُ جلّ جلاله بتوبة العبد إذا أقبل عليه، فهوَ يبسطُ يدهُ بالليل ليتوب مُسيء النّهار، ويبسطُ يده بالنّهار ليتوب مُسيء الليل، فالتوبة ليس لها زمانٌ ومكان بل هيّ في كلّ وقت وفي كلّ مكّان وفي أيّ ظرف وحال، ولكن يجب أن نعرف كيف نتوب إلى الله تعالى توبةً يقبلها منّا سُبحانهُ وتعالى.
كيفيّة التوبة من الذُنوب
- النيّة هي الأصل في التوبة، لأنّك تتوب إلى الله بقلبك قبل جوارحك، فإذا علِم الله في قلبك خيراً وهوَ المُطّلع جلّ جلاله على السرائر، فسوف يقبلك، وكيف لا والقُلوب هي محطّ نظر الله، وهيَ موقع النيّة الصادقة التي يكون عليها مدار الأعمال وقبولها.
- تُب إلى الله خوفاً منه، ورغبةً في رحمته وعفوه، وليسَ خوفاً من الفضيحة أو المرض أو ما شابه، وهذا هوَ الشرط الثاني من شروط التوبة وهو الإخلاص، فأنت تُخلص في توبتك لله وحده دونما إشراك أيّ شيء آخر أو أمر ما.
- الندم على ما فات والعزم الأكيد على عدم العودة إلى ما كُنت عليه من الذُنوب، وهذا هو الشرط الثالث الذي يتجلّى فيه صدق التوبة، فبندمك وصِدقك وبُكائك بين يدي الله دليل مخافتك منه، وكُرهِك للذنب الذي وقعتَ فيه، وكلّما مرّ عليك طيفُ المعصية تألّمتَ وندمتَ عليها، وهذه هي التوبة النصوح.
- تخلّص من كلّ ما يُذكّرك بالمعصية من وسائل ماديّة او معنويّة، وابتعد عن أصدقاء السوء، ورفقاء المعصية الذين لا يأتون بخير، واستبدل كلّ معصية كُنت تفعلها بطاعة، فإنّ الحسنات يُذهبن السيئات، وحاول أن تُكثر من الطاعات في الأماكن التي كُنت تعصي الله فيها.
- عليك أن تُعيد الحقوق إلى أصحابها، وهذا إذا كان الذنب في حقّ من حُقوق العباد، لأنّ التحلّل من ذُنوب الناس شرطٌ مُهمّ من شروط التوبة من الذنب.
