جعل الله سبحانه و تعالى الحياة الدنيا مرحلة عابرة في حياة الناس جميعاً ، فهي الحياة التي يبتلى فيها الإنسان و يمتحن ، و هي الحياة التي يتحدد بسببها مصير الإنسان إما إلى الجنة و إما إلى النار ، فبدون هذه المرحلة لا يستطيع الإنسان العبور إلى المحطة الأخيرة حيث يتقرر مصير البشر ، و قد جعل الله سبحانه و تعالى في هذه الحياة الخير و الشر ، و عدها سبحانه من الابتلاء و الفتنة ، حيث قال جل و علا (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة ) ، فعندما يصيب الإنسان الشر أو الأذى يجب أن يعلم بأن ما أصابه ليس لتعذيبه و إنتعرف ما هو امتحان له ، فالصابر على الأذى يؤجر عند ربه على ذلك و ترتفع درجاته ، و كذلك الحال بالنسبة للخير فهو كذلك امتحان للإنسان ، فمن أصابه خير عليه أن يشكر ربه على ذلك ، فبالشكر تدوم النعمة و تزداد.
إن حال المؤمن كما بين النبي صلى الله عليه و سلم بأن كل ما يصيب المؤمن هو خير له ، فهو عندما يصيبه الخير يشكر ربه فيثاب على ذلك ، و عندما يصيبه الشر و الأذى يصبر على ذلك فيكون خيرا له ، فهو على كل أحواله يتقلب في نعمة الله و فضله مهما بدا له ظواهر الأمور ، أما الإنسان الضال الذي لا يلقي للحياة و معناها بالاً ، تراه يتيه في ظلمات الضلال و لا يدري حقيقة فتنة الله للعباد ، فتراه عندما يصيبه الشر يجزع لذلك و يظن أن الله غاضب عليه ، و إن الأمر ليس دائماً كذلك ، فقد يعطي الله الدنيا لإنسان مقيم على معاصيه استدراجاً له و فتنة ، و قد يبتلي أقواماً مؤمنين بالشر تكفيراً لذنوبهم و امتحاناً ، و عندما يصيب الضال الخير يقول ما أعطيت هذا إلا لمكانتي عند الله ضلالاً منه و تيها .
فنتستنتج من ذلك بأن الله تعالى و حينما جعل الشر و الخير من مكونات الحياة و الدنيا و سننها ، فإنه جعله فتنة للعباد و تمحيصاً لقلوبهم ، و المسلم الحكيم هو الذي يتبين حقيقة ذلك ، فيحسن التعامل مع ربه على كل حال .