إنّ لكلّ شيءٍ نظام، وكذلك اللغة العربيّة لها نظام، والنظام اللغوي له عدّة مستويات، مثل المستوى النحوي للغة، والمستوى الصوتي للغة، والمستوى الصرفي، والمستوى الدلالي، وما يعنينا هنا في هذا المقال هو المستوى الصوتي للغة، فتعرف ما هو المستوى الصوتي؟ وتعرف ما هو علم الأصوات؟ وتعرف على ما هى مخارج الحروف؟
المستوى الصوتي
هو أحد مستويات النظام اللغوي، ويهتم بالكلمات وعبارات من حيث البناء الصوتي لها، فكلّ صوت في العربيّة له دلالة معيّنة، فقد تتشابه الكلمات وعبارات مع اختلاف بسيط في صوت من أصوات الكلمة، فيتغيّر معناها، والمستوى الصوتي يهتمّ الأصوات ومخارجها، ويدرّس في كُتبٍ تسمّى (علم الأصوات).
أصوات اللغة العربية
إنّ للغة العربية أربعةً وثلاثون صوتاً، مقسّمة إلى مجموعتين، وهي كما يلي:
- أصوات صامتة، وهي ثمانيةٌ وعشرون صوتاً، تمثّل حروف الهجاء، وهي: (ء، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، ه، و، ي).
- أصوات صائتة، تمثل الحركات، عددها ستة أصوات، وهي: الفتحة القصيرة، ويرمز لها بالرمز ( َ )، الفتحة الطويلة، ويرمز لها بالرمز (ا)، الضمّة القصيرة، ويرمز لها بالرمز ( ُ )، الضمة الطويلة، ويرمز لها بالرمز (و)، الكسرة القصيرة، ويرمز لها بالرمز ( ِ )، الكسرة الطويلة، ويرمز لها بالرمز (ي)، ولعلّ قائل يقول: الياء والواو، موجودة في الصامتة والصائتة، فنقول: الياء الصامتة هي ليست ياء المدّ، أما الصائتة هي ياء المد، فهي تعدّ حركةً طويلة، وكذلك الأمر مع الواو.
مخارج الحروف
إنً جسم الإنسان عبارة عن أجهزة وأعضاء، كل واحد منها له وظيفته التي يقوم بها، ومن هذه الأجهزة، جهاز النطق عند الإنسان، ففيه مخارج لجميع الأصوات، وتتمثّل هذه المخارج كلّها في ثلاثة أعضاء من جسم الإنسان، ألا وهي:
- الحلق، وفيه ثلاثة مخارج للأصوات هي:
- * أقصى الحلق، ويخرج من أقصى الحلق صوتان، هما: (الهمزة، والهاء).
- * وسط الحلق، ويخرج من وسط الحلق صوتان، هما: (العين، والحاء).
- * أدنى الحلق، ويخرج من أدنى الحلق صوتان أيضاً، وهما: (الغين، والخاء).
- * اللسان، وفيه عشرة مخارجٍ للأصوات وهي:
- * أقصى اللسان، وأقرب ما يكون من الحلق، ويخرج منه صوت القاف.
- * أقصى اللسان، وقبل مخرج صوت القاف بقليل، ويخرج منه صوت الكاف.
- * وسط اللسان، ويخرج من وسط اللسان ثلاثة أصواتٍ، هي: (صوت الجيم، وصوت الشين، وصوت الياء).
- * طرف اللسان مع ما يقابله من لثة الأسنان العليا، ويخرج منه صوت النون.
- * طرف اللسان مع شيء من ظهره وما يحاذيه من لثة الأسنان العليا، ويخرج منه صوت الرّاء.
- * طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، ويخرج منه ثلاثة أصوات وهي: (الطاء، والتاء، والدال).
- * طرف اللسان وفوق الثنايا السفلى، ويخرج منه ثلاثة أصواتٍ وهي: (السين، والصاد، والزاي).
- * طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ويخرج منه ثلاثة أصواتٍ وهي: (الذال، والثاء، والظاء).
- * حافة اللسان الأمامية مع التصاقها بما يحاذيها من الأسنان، ويخرج منه صوت اللّام.
- * حافّة اللسان مع ما يحاذيها من الأضراس العليا، ويخرج منه صوت الضاد.
- الشفتان، وفيهما مخرجان وهما:
- بين الشفتين، ويخرج من بين الشفتين ثلاثة أصوات وهي: (الباء، الميم، والواو)، ويكون ذلك بإطباق الشفتين عدا صوت الواو، فلا تنطبق فيه الشفتين.
- التصاق الشفّة السفلى برؤوس الثنايا العليا، ويخرج منه صوتٌ واحد وهو الفاء.
- الأنف (الخيشوم): فيه مخرج واحد لصوت واحد وهو الغنّة، والغنّة تصاحب صوتي الميم والنون.
- الجوف: فيه مخرج واحد لثلاثة أصوات، وهي حروف المدّ، أو الحركات الطويلة، وممّا سبق نستنتج أنّ عدد مخارج الأصوات هو: سبعة عشر مخرجاً للأصوات.
تمييز مخرج الصوت
قد يصعب على الطالب حفظ مخارج الأصوات، وحفظ الأصوات التابعة لكلّ مخرج، ولذلك لابدّ من طريقةٍ يستطيع بها الطالب أن يعلم مخرج كلّ صوت من الأصوات، فتعرف على ما هى هذه الطريقة؟
الطريقة التي يستطيع بها الطالب معرفة المخرج هي القراءة الصحيحة للصوت الواحد، فكما نعلم فإن الحرف صوت والحركة صوت آخر، فيجب على الطالب أن ينطق بالصوت الواحد ساكناً، ساكناً، نعم، ساكناً، فإذا أردت أن تنطق صوتاً ساكناً أسبقه بهمزة، مثال: حرف السين ينطق هكذا ( إسْ)، حرف القاف (إقْ)، وهكذا، وبهذه الطريقة تنطق الأصوات بصورة صحيحة، وبالتالي يستطيع الطالب أن يعلم مخرج الصوت.
فائدة علم الأصوات
سؤال يُطرح كثيراً بين الطلبة، ولكن علم الأصوات له فوائد كثيرة للمعنيّين بهذا العلم، أمّا العامّة، وطلّاب المدارس فعلم الأصوات ضروري لهم وذلك لما يلي:
- معرفة علوم اللغة الأم، التي هي لغتنا العربيّة.
- محاولة تحسين النطق عند من يجدون مشاكل وعيوب تتعلق بالنطق.
- قراءة القرآن بصورة صحيحة، فعلم الأصوات يتعلّق بمستوى من مستويات علوم لغة القرآن الكريم، وهو أيضاً يتعلق بعلم التجويد.
- التمييز بين معاني بعض الكلمات وعبارات التي تختلف في صوت واحد أو أكثر، فيتغيّر معناها.
هناك الكثير من الدعوات التي انطلقت ولا زالت تنطلق لنبذ اللغة العربية الفصحى، وإحلال اللهجات المحليّة بديلاً لها، ويقولون إنّ اللغة العربيّة باتت صعبة الفهم، وألفاظها غريبة، حقّاً فكثير من ألفاظ العربيّة أصبحت غريبة بالنسبة لنا نحن العرب، ولكن السؤال، أهي اللغة من أصبحت غريبة؟ أم أنّ العرب الذين يحملون هذه اللغة هم الغرباء؟
إنّ لغتنا العربيّة هي لغة القرآن الكريم، فمن يدعو إلى نبذ اللغة العربية، هو في الحقيقة يدعو لنبذ القرآن الكريم والعياذ بالله، فيا أيّها العرب أفيقوا، فحضارتكم تهدّد، ولغتكم تضيع. نذكّر بأنّ مخارج الأصوات ثمانية عشر مخرجاً، ونودّ الإشارة إلى أنّ لكل صوت خصائص وتصنيفات، مثل الجهر والهمس، والتفخيم والترقيق، والاحتكاك والانفجار... وغيرها من التصنيفات، هذا وبالله التوفيق، أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علّمنا، والحمد لله ربّ العالمين.