المعرفة من أهم الأمور التي يتوجب أن تكون في رأس أولويات أيّ إنسان لما لها من أهمية وفائدة قصوى على كافة المستويات والصعد، ولا مبالغة إن قلنا أنّها أهم شيء على الإطلاق، وهي تتعدى وتسبق مفهوم وتعريف ومعنى جمع المعلومات إلى مفهوم وتعريف ومعنى التفاعل التام بين الإنسان وبين كل ما يتعامل مع ويحتك به، إلى درجة يستحيل فيها هذا التفاعل إلى اندماج بين هذين الطرفين، ومن هنا كانت المعرفة هي السبيل الوحيد لعملية التطوير والبناء والنمو، فهي تعطي الإنسان آفاقاً أوسع ومجالات أكبر في التفكير وبالتالي في تغيير حياته وقلبها رأساً على عقب، ومن ثم في نهضة بلده وأمته بأسرها كاملة.
مجتمع المعرفة
يمكن تعريف ومعنى مجتمع المعرفة على أنه جماعة الناس الذين يجتمعون مع بعضهم البعض من أجل أن يستفيدوا من معارف بعضهم البعض، بحيث يكون هؤلاء الأفراد يمتلكون تقارباً في الاهتمامات وبشكل كبير مما يعمل على زيادة الفائدة عن طريق النقاش الهادف والبناء بينهم، مما سيعمل على تطوير مهاراتهم المكتسبة وعلى تطوير محصلة معرفتهم الإجمالية. فالنقاش يهدف إلى زيادة المعرفة عند الأطراف وبطريقة تكاملية، بحيث يكملون معارف بعضهم البعض.
إن التطور الحديث الذي استجد على قواعد المعلومات حول العالم، أدّى إلى انتشار وشيوع المعلومات غثها وسمينها بين الناس، فقد أصبحت المعلومات متاحة للجميع، في الوقت الذي نسي فيه البعض أن المعلومات ليست هي المعرفة، فمن اكتسب المعلومات عليه أن يعلم كيف سيكتسب المعرفة، وإلى بَقِي قابعاً في مجتمع المعلومات ولن يرقى للوصول إلى مجتمع المعرفة.
تشكل المعرفة القاعدة التي تبنى عليها الأنشطة الإنسانية المتنوعة مثل الأنشطة الاقتصادية والأنشطة الاجتماعية والأنشطة السياسية، وهذه الأنشطة كلها تمثل الأساس الذي تبنى عليه حياة أي مجتمع إذاً فالمعرفة هي أساس المجتمعات. تعد المعرفة اليوم جزءاً لا يتجزّأ من رأس المال، لهذا السبب فقد كان هناك عناية تامة ودائمة ومتجددة في المعرفة، وذلك ونظراً للأهمية وفائدة القصوى لها.
يبنى الاقتصاد الحالي على المعرفة وبشكل كبير جداً، فمثلاً إن أردنا أن نحلل منتجاً معيناً من المنتجات الحديثة، نجد أنّ تكلفة مكوّنات هذه القطعة المادية لا تتجاوز في تكلفتها ربما 10 % – 20 % من التكلفة الإجمالية للقطعة، في حين أن باقي المبلغ يدفع من أجل الخبرات المعرفية التي وضعت في هذا الجهاز، لهذا السبب ومن هنا فإنه من الضروري أن تكون هناك رؤية شاملة في أية دولة، فالنهوض لا يكون إلّا عن طريق المعرفة.