سأتحدث أولاً عن "آرثر جيمس بلفور" ، سياسي بريطاني ، كان رئيساً للوزراء فيها ، وعمل أيضاُ كوزيرأ للخارجيّة البريطانيّة ، أشتهر بإصداره وعد يبيّن فيه دعم بلاده لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، سمي فيما بعد بـ (وعد بلفور) .
في عام 1917 قام بلفور بإرسال رسالة إلى اللورد أيونيل روتشيلد ، جاء في مضمونها تأييد حكومته لإنشاء وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينيّة . صدر هذا القرار قبل الإنتداب البريطاني على فلسطين ، وكان تعداد اليهود فيها لا يتجاوز ال 5% ، وقد سمي أو وصف بـ "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" . وكان الهدف من الوعد سياسي إستعماري بحت ، حيث بذلت بريطانيا ما في وسعها لتنفيذ هذا الوعد على الأراضي الفلسطينيّة .
والغريب في الأمر بأن جيمس بلفور كان معادياً لليهود ، فحين توليه رئاسة الوزراء ، هاجم اليهود المهاجرين إلى انجلترا ، واستصدر التشريعات للحد من هجرتهم على بلاده ، لخشيته على بلاده من الشر المطلق الذي سيحل عليها جراء هذه الهجرة . وكان وراء هذا الوعد المشؤوم رئيس الوزراء "لويد جورج" ، الذي لا يقل كرهاً عن آرثر بلفور ، و "تشامبرلين" المعادي لليهود ، والذي كان السبب في إطلاق الوعد البلفوري المتعلق بشرق إفريقيا ، وهناك شخوصا كثيرة لعبت أدوراً مهمة في إطلاق هذا الوعد ، أذكر منهم "جورج ملنر" .
وذكر عدد من المؤرخين ، بأن اطلاق مثل هذا الوعد كان نوعاً من التعبير عن الإعتراف (بالجميل) لـ "وايزمان" مخترع مادة (الأسيتون) الحارقة أثناء الحرب العالميّةِ الأولى ، وقد ذكر هذا الأمر في بعض الدراسات الصهيونيّة ، حيث تقبل وايزمان الموضوع في بداية الأمر ، إلى درجة أنه قد وضع " مواهبه العلميّة " تحت تصرف الحكومة البريطانيّة إبان التوترات التي سادت العلاقات بين اليهود والحكومة الإنجليزية في الأربعينيّات من القرن الماضي ، ظاناً بقدرته على التأثير ونتائج على الحكومة الإنجليزيّة ، ولكن مساعيه في هذا الأمر باءت بالفشل .
وفي أقوالٍ وآراءٍ أخرى ، تقول بأن إصدار الوعد تم نتيجةَ الضغوطات الصهيونيّة على الحكومة البريطانيّة ، ولكن باعتبار اليهود في ذلك الوقت من البشر (المهمشين) ، ولكن يمكن إعتبار بأن تلك الجماعات والتي كانت تشكل (الأقليّات) في ذلك الوقت لم تكن إلا مصدر ضيقٍ لا مصدر تهديد ، ولم يكن لليهود أي قوة عسكريّة أو سياسيّة ، وأثرياء اليهود في ذلك الوقت كانوا معادين للحركة الصهيونيّة ، وبذلك تم تجريد تلك الحركات من القوّة الماليّة ، ولكن مطالبهم تلك تم الأخذ بها وتحقيقها لتحقيق أهدافٍ إمبرياليّة لقوّةٍ عظمى كبريطانيا على أرض فلسطين .