لكل شعب من الشعوب جذور عميقة في التاريخ، حيث إنّ الشعوب القديمة كانت عبارة عن قبائل وعشائر قديمة كانت تعيش حول بعضها البعض، وكان لها عادات معينة تشترك بها، كما أنّ كل حضارة كانت تحاول التميز عن الحضارات المحيطة بها، ومن أهم الحضارات القديمة: الحضارة البابلية والسومرية...ومن أشهر الحضارات القديمة الحضارة الفرعونية، والتي كتب المؤرخون عنها كثيراً.
الحضارة الفرعونية القديمة
اتصفت الحضارة الفرعونية بالتميز الكبير عن باقي الحضارات، كما أنّّ أهلها كانوا يعيشون حياة رائعة جداً، حيث إنّ الحياة الفرعونية امتازت بالدقة الشديدة والتنظيم الكبير بين أجزاء الحضارة وبين الشعب المصري.
عاش الفراعنة قديماً في مصر، وتركز وجودهم على ضفاف نهر النيل، حيث إنّ هم عملوا في الزراعة واستغلوا خصوبة المنطقة المحيطة بنهر النيل من أجل زراعتها والحصول على المحاصيل الزراعية التي تكفي لإطعام المصريين، والتجارة فيها أيضاً إلى البلاد القريبة منهم، عاش في مصر الكثير من القبائل، والتي تعرضت لحالات كثيرة من الغزو، والتي كان آخرها هو الغزو الفرعوني، حيث إنّ الفراعنة كانوا آخر من غزى مصر وسكن فيها.
ما هى اسباب نجاح الحضارة الفرعونية
كان أحد أهم ما هى اسباب نجاح الحضارة الفرعونية هو الاستغلال الأمثل للطبيعة المحيطة، إضافة إلى سرعة التكيّف مع الظروف المحيطة بهم، حيث إنّ الفراعنة تمكنوا من استغلال الأماكن التي توافر فيها المعادن والنفط، والآبار المائية.
إنجازات الفراعنة القدماء
وعلى الرغم من التدهور الاقتصادي في مصر القديمة إلا أن الفراعنة اهتموا بالكثير من الأمور والتي من أهمها الأدب، والعلوم الأخرى، حيث إنّ هم وضعوا نظام للكتابة، ويستطيع الزائر للآثار المصرية الآن أن يرى الكتابات الموجودة على الجدران والنقوش أيضاً، كما أنّّهم بدؤوا صناعة الأداوت الحربية من أجل القتال، ومن أجل حماية أنفسهم من أي احتلال قادم عليهم، هذا بالإضافة إلى أنّهم برعوا في الطب والتداوي بالأعشاب التي كانت تنمو بشكل طبيعي لوحدها.
من أكثر المجالات التي برع بها الفراعنة والتي سجلها التاريخ بأسطر من ذهب، هي مجال العمارة والهندسة المعمارية، حيث إنّهم تمكنوا من بناء الكثير من المقابر وشيّدوا القصور والأهرامات وغيرها من الآثار التي لا زالت موجودة حتى هذه اللحظة، كما أنّ الملوك الفراعنة كانوا يحبّون العمران بصورة كبيرة، فكان كل ملك بني لنفسه مقبرة من أجل أن يدفن بها، وكانت المقبرة أشبه بالقصر، إضافة إلى أنهم كانوا يحبون بناء المعابد التي يكسو جدرانها النقوش والزخارف الجميلة.
ومن أعظم المباني التي شيدها الفراعنة القدماء، الأهرامات، والتي تقع في مدينة الجيزة، والتي يأتي الزوار و السياح إليها من كل مكان من أجل الاستجمام والحصول على فترة من الهدوء و النقاهة.
بناء الأهرامات
تمّ بناء الأهرامات لتكون مقابر، حيث إنّ كل ملك أنشأ لنفسه مقبرة على شكل هرم، وهي ثلاثة أهرام بثلاث أحجام مختلفة، ويحمل كل هرم اسم الملك الذي قام ببناؤه، وهم ثلاثة ملوك، خوفو، خفرع، ومنقرع، وتولّى أكثر من مهندس الإشراف على بناء الأهرمات إلى أن وصلت إلى شكلها النهائي، حيث إنّها كانت في بدايتها على شكل مفلطح وليس هرمي، ومن ثم تمكن المهندس هيمونو بجعلها على شكلها الهرمي النهائي، وهو المهندس الخاص بالملك خوفو.
يرجح العمر الزمني للأهرامات إلى ما يقارب 25 قرناً، كما أنّ بناؤها استغرق الكثير من السنوات وكان يتم استخدام مواد بناء بدائية جداً ولكن نمكن الفراعنة من بناؤها كاحسن وأفضل صرح في جميع أرجاء العالم، وتكمن عظمة الأهرامات في ارتفاعها العالي، كما أنّّها ذات حجم هائل، والأحجار المستخدمة فيها مرصوصة بطريقة رائعة جداً، وبشكل مرتّب ومتناسق، حيث إنّها لا تحتوي على أيّة فراغات.
أكبر الأهرامات هو هرم الملك خوفو، والذي بناه ليكون مقبرة له ليدفن بها بعد موته، ولكن الأعظم من منظر الهرم الخارجي هو روعة الممرات والأدراج في الأهرمات من الداخل، حيث إنّها على نظام عالي من الرقي والإبداع، فهي تحتوي على الكثير من الممرات إضافة إلى احتوائها على الممتلكات الثمينة الخاصة بالملك خوفو وأهله ، إضافة إلى التماثيل الجميلة التي تم نحتها ووضعها في داخل الهرم.
تعرّضت الأهرمات إلى الكثير من التخريب خلال فترة وجودها في مصر، حيث إنّه تم سرقة الكثير من الممتلكات الخاصة بالملوك والتي كانت موجودة في الهرم من الداخل، إضافة إلى أن أعلى الهرم كان عبارة عن منصة مطلية بالذهب، ولكن اختفت هذه المنصة من فوق الهرم.
تكهنات علماء الآثار
يتكهن العلماء بأن الأهرامات ليست مبنية من الحجر كما يعتقد الناس، حيث إنّ الدليل القاطع لديهم هو كيف أن جميع الأحجار تكون بنفس الحجم، وعلى نفس الاتجاه، لدرجة أنه لا يوجد أي فراغات بينها، وأنّ الفراعنة لم يكونوا يمتلكون أي معدات قديماً، وأنّ المواد التي استخدمات بدائية، لذلك يعتقد العلماء أن الأهرامات تم بناؤها من الطين، والذي قام الأهرام بتشكيله بالطريقة التي أرادوها، حتى وصلت إلى الشكل النهائي المتفاني الدقة الذي وصلت إليه اليوم.
وهذه الحقيقة التي توصل إليها العلماء تعرف على ما هى سوى حقيقة ذكرت في القرآن من قبل، حيث إنّ فرعون بعد أن طغى وقال للناس بأنه ربهم، وكذّب ما جاء به موسى، طلب من هامان أن يبني له صرح كبير من أجل أن يرى الله ويقابله، وقد قال الله تعالى فيكتابه الكريم : ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) صدق الله العظيم.
أي أنّ فرعون في ذلك الوقت استخدم الطين وهي نفس المواد التي استخدمها الفراعنة من أجل بناء الأهرامات، وتبقى الأهرامات هي أعلى بناء في العالم كله وعلى مر جميع العصور، كما أنّها واحدة من عجائب الدنيا السبعة، وتم ذكرها والحديث عنها في القرآن الكريم من قبل أن يتحدث عنها العلماء، وفي هذا دليل قاطع على اتفاق الدين مع العلم في العديد من الجوانب وفي العديد من الأمور، وهذا عكس العديد من الأمور التي حاول المستشرقين خلقها بين المسلمين حول حقيقة الإسلام والدين الإسلامي.
وأخيراً، فلا يمكن لأي أحد أن ينكر إنجازات الفراعنة تحديداً لأنها لا زالت قائمة حتى هذه اللحظة لتكون شاهداً على هذه الحضارة الرائعة، كما أنّ الملوك الفراعنة كانوا من أقوى ملوك الأرض ومن أقوى من حكم مصر، كما أنّ الآثار التي خلفها الفراعنة من خلفهم هي من أعظم الآثار الموجودة على الأرض، كما أنّّها ليس لها مثيل، فقد حاول العديد من سكان الشعوب الأخرى أن يقلّدوا بناء الأهرامات وأبو الهول، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك الأمر وبقي سر الأهرمات ماركة مسجلة باسم الفراعنة فقط.