يُطلق لفظ الآشوريّين على مجموعةٍ عرقيّة سكنت في شمال بلاد الرافدين؛ حيث تعود تلك المجموعة في أصولها كما ذكرت التّوراة إلى أحد أبناء سام بن نوح وهو آشور. سكن أشور هذه المنطقة كما يقال فنسب الآشوريّون إليه، ويرجع بعض المؤرّخين سبب تسمية الآشوريين هذه إلى الآلهة أشور، وهو إله الحرب عندهم، وسمّيت لذلك المنطقة باسمه.
ويرى كثير من المؤرّخين -على خلاف بينهم- أنّ الآشوريّين المسيحيّين الّذين يتواجدون الآن في العراق وسوريا وتركيا وأجزاء من إيران ما هم إلّا بقايا أقوام من الإمبراطوريّة الآشوريّة التي نشأت في بلاد العراق، وازدهرت بشكلٍ كبير في الفترة ما بين القرن التّاسع قبل الميلاد إلى القرن السادس قبل الميلاد، حيث امتدت تلك الإمبراطوريّة من مصر إلى بلاد القوقاز، والآشوريّون هم من أوائل الأقوام التي اعتنقت الدّين المسيحي في بداية القرن الأوّل الميلادي، وهم مجموعة عرقيّة تتكلّم اللغة السّريانيّة، وهي إحدى اللهجات الآراميّة القديمة. وقد ساهم اعتناقهم للدّين المسيحي في تبنّي رسالة نشر المسيحيّة في بلاد آسيا والهند والصّين؛ حيث انبرى كثير من حكّامهم للتّصدي لهذه المهمّة، وخاصّةً في ذروة تطوّر الإمبراطوريّة الآشوريّة وصعودها.
وقد نقلت لنا كتب التّاريخ كثيرًا من أخبار الأشوريّين وحضارتهم، فقد اشتهروا بتشييد التّماثيل على شكل ثيران مجنّحة برؤوس بشريّة كانو يضعونها أمام قصورهم ومبانيهم، كما أخذت الدّولة الأشوريّة طابعًا عسكريًّا بسبب النّزاعات المستمرّة بينهم وبين البابليين والآراميين؛ حيث كان إلههم آشور يصوّر دائمًا بصورة محارب عنيف، وكذلك زوجة الإله عشتار، وقد كان الآشوريّون يكتبون على ألواح الطّين الّتي سمّيت بالكتابة المسماريّة، والتي ساهمت بنقل كثيرٍ من الأدب الآشوري وبقائه لآلاف السّنين، ومنه ملحمة جلشامش الأسطوريّة، وقد اشتهر الآشوريّون بالزّراعة إلى جانب التّجارة، كما اعتمدوا التّقويم القمري في حساباتهم الفلكيّة، وكان من أبرز ملوك الأشوريين آشوربانيبال، وسنحاريب، وسرجون الثّاني.
وبسبب توسّع الإمبراطوريّة الآشوريّة في فترة من الفترات، وبسبب كثرة النّزاعات بينها وبين جيرانها، قام البابليّون الّذين قهرهم الآشوريّون من قبل بتجهيز أنفسهم مرّة أخرى للانقضاض على عاصمة الآشوريين؛ حيث احتلّوا مدينة نينوى عام 612 قبل الميلاد، لتكون هذه البداية لنهاية التوسّع الآشوري في المنطقة، وقد بقي الآشوريّون كمجموعات عرقيّة تتكلّم السّريانيّة وتدين بالمسيحيّة إلى وقتنا الحاضر، وقد مرّوا بمراحل مختلفة عبر التّاريخ؛ حيث تعرّضوا للاضطهاد على يد المغول، بينما عاملهم المسلمون حين فتحوا العراق والشّام أحسن معاملة؛ حيث أمّنوهم في بلادهم، وسمحوا لهم بالبقاء على دينهم مقابل دفع الجزية لبيت مال المسلمين.