قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة:185). و صيام شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمس التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هو شهر فضل عظيم و رحمة . و قد قال أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) ، رواه مسلم . وكان من دعاءه صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رجب أن يقول ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ) ، و جاء في الأثر أن الصحابة والصالحين كانوا إذا مضى شهر رمضان ظلوا يدعون الله نصف العام أن يتقبل منهم صيامه ، و إذا اقترب ظلوا يدعون أن يبلغهم الله رمضان الذي يليه .
وشهر رمضان يفرح المؤمن لمقدمه ، حيث تغفر الذنوب وترفع الأعمال الصّالحة لله سبحانه وتعالى فيضاعفها أضعافاً مضاعفة ، بجانب الصيام الذي يجزي الله به ، ويخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في الحديث القدسي من قوله تعالى : " كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " متفق عليه .
واستقبال شهر رمضان للمؤمن يكون بالمسارعة إلى التّوبة و النّدم على ما اقترفه من الذّنوب والمعاصي ، والإكثار من قراءة القرآن والذّكر ، كذلك إبداء الفرح بإقتراب الشهر المعظّم ، وتهنئة وترحيب المسلمين ، و المسارعة إلى إعادة صلة رحم من قطع ، و تثبيت من وصل . وقبل شهر رمضان على المسلم أن يستعد للزّهد في الدنيا ، فلا يسرف في تحضير أطعمة بذخة للشهر ، و في المقابل يطعم المساكين ويعطي المحتاجين ، ومن كانت له مظلمة فيردّها إليه ، و يكثر من النّوافل و ذلك لترويض النّفس على كثرة الذّكر والطّاعة ، حتّى إذا جاء الشهر المبارك صام المسلم فأحسن الصيام و أطاع الله سبحانه وتعالى فأوفى حقّه في الطّاعات ، وقرأ القرآن وقام اللّيل ، و احتسب ذلك كلّه عند الله يجزي به كيفما يشاء .