شرع الله لنا شهر رمضان من كل سنةٍ ، لصيامه و قيامه كاملاً ، فيصوم المسلم فيه عن الطعام و الشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، مع إخلاص نيته لله تعالى بأنه يصوم هذه الأيام المباركة لله وحده لرضاه و لطاعته عز وجلّ، فيمسك المسلم عن الطعام و الشراب طول ساعات النهار المحددة من وقت طلوع الفجر ، و يفطر عندسماعه آذان المغرب ، بغروب الشمس . فيصوم المسلم عن ما يحب و يشتهي ارضاءً لله تعالى ، و امتثالاً لأوامره سبحانه و تعالى ، فصيام شهر رمضام فرضٌ على كل مسلمٍ و ملسمةٍ ، قد وصلا سن الرشد ، بالغين ، عاقلين ، مسلمين .
و الصوم من أركان الإسلام التي فرضها الله تعالى على المسلمين ، و هو له معانٍ و أهدافٍ سامية ، فلا نصوم بهدف التجويع أو الحرمان ، و حاشا لله سبحانه و تعالى أن يحرم عباده من نعمه كالطعام و الشراب ، و إنما يعلمنا الله في الصوم القوة على تحمّل الجوع ، و الشعور بالآخرين من الفقراء والمحتاجين ، يربي فينا الصبر و التحمل على مشاق الحياة ، يدعونا للجوء إليه و الفرار إليه عند الشدة و عند الرخاء . ندعوه ونتوسل إليه طالبين الرحمة و المغفرة . فجعل سبحانه وتعالى أيام شهر رمضان أيام مباركة ، تدعوه بقلبٍ يرجو الرحمة فيرحمك و يغفر لك سبحانه وتعالى .
ولا يكتفي صوم المسلم بامتناعه عن الطعام و الشراب فقط ، بل يجب أن يصون نفسه و يصون لسانه عن الكذب ، و التفوّه بالكلام البذيء و الكلام الفاحش ، فلا يجوز صيامه و هو يشتم هذا و يسب ذاك ، و لا يجوز صيامه و هو يشاهد المحرمات ، ويستمع إليها ، فصيامه يجب أن يكون متكاملاً ، قلباً و قالباً ، يصوم صوم الطعام والشراب ، و يصوم عن المحرمات فلا يسرق و لا يكذب و لا يشتم ، و لا يرى ماحرم الله ولا يستمع للأغاني و ما لايحب الله في شهره الكريم . فهو صيام لكل الجسد والبدن ، وفي ذلك تربيةُ جميلةُ للنفس والروح و الجسد ، بالابتعاد عن كل ما حرم الله و ما لايحبه ، و التقرّب لله تعالى بكل ما يحب . فيداوم على صلاته ، و يُكثر منها ، يدعو الله في جميع أوقاته ، يتلو كتابه ( القرآن الكريم ) ، يقرأه و يتدبر معانيه ، و يعمل به . يحرص على صلة رحمه ، وزيارة أقاربه ، و التصدق بما يقدر عليه من مالٍ أو من ملابس أو من طعامٍ .
قال الله تعالى في كتابه الكريم : (يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) .
كما أنّ الله تعالى أعدَّ الثواب العظيم للمسلم الصائم في الدنيا من "توفيق و تيسير في حياته " ، و في الآخرة من جزاءٍ كبيرٍ و هو " الجنة " . كما و خصص الله تعالى للمسلم باباً يدخل منه الصائمون فقط ، أسماه ( الريّان ) . جزاءً له على صبره على تحمّل الجوع وترك الطعام و الشراب و سائر الأعمال الغير محببة له سبحانه ، والصبر على تربية نفسه على حب الله تعالى و التضحية في سبيل مرضاته ، لنيل الثواب الأكبر في الآخرة ، وهو رضاه سبحانه و تعالى ودخول جنته خالداً مخلداً فيها .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل مِنه أحدٌ غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحدٌ " .