تتلهّف قلوب المسلمين في كلّ عامٍ لقدوم شهرٍ فضيلٍ مبارك و هو شهر رمضان الذي ميّزه الله سبحانه و تعالى عن غيره من الشّهور في الفضل و الأجر ، فهو الشّهر الذي أنزل الله فيه القرآن ، و هو الشّهر الذي تضاعف فيه الأجور و الحسنات ، و هو الشّهر الذي فيه ليلة القدر المباركة التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ ، فمن صام هذا الشّهر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، و من أدرك ليلة القدر المباركة بعد تحرّيها في العشر الأواخر من رمضان و قام بقيام هذه الليلة محتسباً مؤمناً بفضلها غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، فشهر رمضان إذن هو شهر اغتنام الفرص الرّبانيّة ، و هو شهرٌ أوّله رحمةٌ و أوسطه مغفرةٌ و آخره عتقٌ من النّار ، و قد كان حال المسلمين يردّد دائماً اللهم بلّغنا شهر رمضان لما فيه من فرص تحصيل الأجر و الثّواب .
و تنتظر المرأة المسلمة شهر رمضان كما ينتظره الرّجل لصيام نهاره و قيام ليله و قراءة القرآن فيه و الذّكر و الدّعاء ، و لكن ما يشغل المرأة المسلمة كيفيّة التّصرف في حال نزول دم الحيض منها ، فكثيرٌ من النّساء يظنّون أنّ ذلك عذراً لها لترك كلّ العبادات و الذّكر ، فكما يُعلم بأنّه إذا جاءت فترة الحيض عند المرأة تركت صلاتها و صيامها ، و لكن لا يعني ذلك ضياع الفرص عليها في تحصيل الأجر و الثواب ، فالحيض شيءٌ قد كتبه الله على جنس حواء عامّة كما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم للسّيدة عائشة رضي الله عنها يوم الحجّ إذ قال لها دعي عنك الطّواف حول الكعبة و افعلي سوى ذلك من المشاعر و المناسك ، و قد تكلّم كثيرٌ من العلماء حول ما يجوز للمرأة المسلمة في شهر رمضان إذا أدركها وقت الحيض ، فالرّأي الرّاجح أنّه يجوز لها قراءة القرآن من غير مسٍّ له ، فيجوز قراءته عن ظهر غيبٍ و يجوز قراءته عن طريق الموبيل ، و كذلك على المرأة المسلمة كثرة الدّعاء و الذّكر بالتهليل و التّسبيح و عمل الأعمال الصالحة كالصّدقة و البرّ و الإحسان و صلة الأرحام و رعاية الأيتام و غيرها من وجوه الخير التي يضاعف أجرها في هذا الشّهر الفضيل .