الشخصية الإيجابية
الشخصية الإيجابية في الحياة هي شخصية محببة، وجذابة، وذلك لما ينشره صاحب هذه الشخصية من طاقة إيجابية، وتفاؤل في الحياة، مما يؤثر على شخصيته، وعلى الآخرين كذلك، ويشحنهم بطريقة بناءة، تدفعهم لتجاوز العقبات، والسير قدما نحو تحقيق الطموحات، وعدم الالتفات إلى الوراء، إلا للاستفادة مما حصل، حتى وإن كان أمرا سيئا.
إذا فالإيجابية تساعد الإنسان على بناء نفسه، وعلاقاته مع الآخرين، فيكون بناء النفس من خلال تطوير الذات بالتعليم، والعمل، والحفاظ على الصحة، والدين، ويكون بناء العلاقة مع الآخرين من خلال قربه من الناس، والتعامل والتواصل معهم، وكل ذلك يسير بطريقة صحيحة إن كانت شخصية الإنسان إيجابية، فلن يقف عند المصاعب، بل سيمضي إلى الأمام ولن يوقفه شيء، فطريقة كيف تصبح شخصا إيجابيا؟
طريقة التمتع بالشخصية الإيجابية
هنالك عدة أمور قد تفيد الشخص الراغب بالتمتع بالشخصية الإيجابية، وهي عبارة عن نصائح على الشخص أن يتبعها، ويراعيها في حياته الشخصية وحياته مع الناس، ويطور نفسه دائما على أساسها، ويسير بشكل تدريجي، حتى يصل إلى النتيجة المرجوة، وهي كالتالي:
تغيير طريقة التفكير
الشخص الراغب بالتمتع بالشخصية الإيجابية، يجب أولا أن يغير طريقة تفكيره في الحياة، ويحاول زرع الأفكار الإيجابية في عقله، وتنميتها يوما بعد يوم، حتى تصبح جزءا من عقليته، وبالتالي ينعكس ذلك على جميع تصرفاته في الحياة، ويؤثر أيضا على طباعه، وتغيير صفات شخصيته للأحسن.
ترك الحزن
جاء في كتاب (لا تحزن) للدكتور عائض القرني قوله: "اصنع من الليمون شرابا حلوا"، وفي هذه العبارة مغزى ومعنى رائع، وذلك في تحويل الخسائر إلى أرباح، فإن أعطاك أحدهم كوبا حامضا من الليمون، قم بإضافة حفنة من السكر إليه، واجعله شرابا حلوا، وإن أهداك أحدهم ثعبانا خذ جلده الثمين واترك باقيه، وهكذا، ثم تمثل معاني الإيجابية من سيد البشرية وعظيم الأمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حيث طرد عليه الصلاة والسلام من بلده ومسقط رأسه مكة المكرمة، فأنشأ في المدينة المنورة دولة عظمى، أصبحت عاصمة كبرى للأمة الإسلامية، نشر الدين الإسلامي من خلالها، وما زال ينتشر، ويتزايد عدد الداخلين فيه حتى وقتنا هذا.
تعزيز الثقة بالنفس
يجب أن يكون لدى الشخص ثقة بنفسه، وأن يكون مؤمنا بشخصيته، وبأنه إنسان ناجح، وأن أية خسارة تمر عليه في حياته ليست إلا تجارب، وخبرات لا بد من أن تساعده للنهوض مرة أخرى لتحقيق النجاح الذي يسعى إليه، فلا يتوقف عند الخسارات، بل عليه الوقوف مرة أخرى، حتى وإن اقتضى الأمر أن يبدأ من جديد ومن الصفر؛ فهذه هي الحياة، والإنسان لا يتعلم إلا من أخطائه، وعثراته، وكبواته، وتلك هي احسن وأفضل معاني الإيجابية في الحياة، لأن الوقوف عند الفشل والخسارة هي من صفات الإنسان السلبي، غير الواثق بنفسه، ومن ضمن العبارات وكلمات وعبارات التي تعزز لدى الشخص ثقته بنفسه العبارات وكلمات وعبارات التالية: (أنا أحب نفسي، أنا معجب بشخصيتي، أنا ذكي، أنا ناجح، أنا محبوب، أنا أستطيع، أنا قادر وغيرها من العبارات).
التيقن من أن مع العسر يسرا
يجب أن يعلم الشخص بأنه وبإذن الله تعالى بعد جوعه سيشبع، وبعد سهره سينام، وبعد مرضه سيتعافى، وأن الغائب سيصل لا محالة، وأن الضال سيهتدي، وأن الظلام سينقشع، وأن النهار سيتجلى، فإن رأى الإنسان صحراء تمتد أمامه فليعلم بأن وراءها رياضا خضراء، وأنه لا بد من الأمان بعد الخوف، والسكينة بعد الفزع، وأن احسن وأفضل عبادة لله تعالى هي انتظار الفرج، وأنه وكما قال عز وجل: "إن مع العسر يسرا". (سورة الشرح، الآية: 6).
الإيمان بأن الحلم سيتحقق
يجب أن يعلم الشخص بأنه لا شيء مستحيل، وأن أحلامه ممكنة، ولا بد من أن تتحقق يوما ما، فعليه بالتفاؤل والابتعاد عن التشاؤم، واليأس، والمحبطات، ويتمثل بذلك حياة الأشخاص العظماء الذين بدأوا من الصفر، وحققوا المستحيلات، ويقرأ سيرة كل منهم، ويتفكر فيها، ويتأملها جيدا، ويحاول اتخاذهم قدوة، ويحتذي حذوهم في الحياة، وسيعلم من خلال ذلك أنهم لم يصلوا إلى ما هم عليه إلا لأنهم أشخاص إيجابيون، لم توقفهم العوائق مهما كانت في سبيل تحقيق غايتهم، وليس أدل على ذلك من سيرة الأنبياء والرسل، وسيرة الصحابة، وسيرة العلماء، وسيرة الأدباء، وسيرة الأبطال، وسيرة القادة، وغيرهم.
حسن الظن بالناس
على الشخص أن يحسن الظن بالناس، ويتلقى أقوالهم وأفعالهم بطريقة إيجابية، محسنا الظن بهم، ولا يشك دائما بالآخرين، معتقدا بأنهم يحابوه، أو يجاملوه، أو يعادوه، فحتى وإن كان ذلك صحيحا، عليه أن لا يتأثر بذلك، ولا يعطيه أكبر اهتمامه، ويقف في مكانه عند كل قول، وكل موقف.
مجالسة الناس الإيجابيين
كما ذكرنا بأن هناك أشخاص ينشرون الطاقة الإيجابية، وآخرون ينشرون الطاقة السلبية، والإنسان بطبعه يتأثر بمن حوله من الناس الذين يعاشرهم ويصاحبهم؛ لذلك على الشخص أن ينتقي من الناس من هو إيجابي لمصاحبته وملازمته، حتى يعينه على جبل شخصيته إيجابيا، ويبعث التفاؤل لديه بشكل دائم ومستمر.
وجود الهدف
يبنغي أن يحدد الشخص هدفه، أو أهدافه في الحياة، والتي يسعى للوصول إليها، حتى يكون هنالك معنى لحياته، لأن التفكير بتلك الأهداف ومحاولة الوصول إليها، والعمل على ذلك، هو المعنى الحقيقي للإيجابية؛ فالشخص الإيجابي في الحياة هو إنسان فعال، ونشيط، وعلى حراك دائم، يسعى للوصول إلى طموحاته رغم العقبات، والمشكلات التي تواجهه.
الاهتمام بالصحة
الإيجابية ليست فقط بالشخصية، بل يجب أن تنعكس أيضا على جسد الإنسان، فالإنسان الذي يتمتع بالصحة الجيدة، سينعكس ذلك على عقله، وطريقة تفكيره، وأقواله وأفعاله، ويتم الاهتمام بصحة الجسد من خلال ما يلي: (تناول الأطعمة المفيدة بشكل منتظم، والمشي الدائم، وممارسة الرياضة بشكل عام).
التواصل مع الناس
تحدثنا عن ضرورة مجالسة الناس الإيجابيين، ولكن هذا لا يعني أن يترك الإنسان التعامل مع الناس، فعليه أن يكون إنسانا اجتماعيا، ويتواصل مع الناس بشكل مستمر، حتى يعرف أنواع البشر، وطريقة تفكيرهم، ويميز الصالح من الطالح، وبالتالي لا يفاجأ من مواقفهم، وتصرفاتهم معه في المستقبل، ويتحول إلى إنسان سلبي كاره للناس، ودائم الحذر منهم، فالإنسان الإيجابي هو إنسان محب، وعليه أيضا أن يفهم تركيبة الأشخاص من حوله، ويتعامل معهم على هذا الأساس.
تأمل جمال الحياة
فليتأمل الشخص في كل تعرف ما هو جميل في هذه الحياة، ويحاول أن يلتفت عن الأمور السلبية؛ فالحياة الآمنة، والصحة الجيدة، وصداقة الناس، ووجود العائلة، وجمال الطبيعة والكون، كل ذلك يدل على جمال الحياة التي نعيشها، وأنها تستحق التأمل والتفكر، وبالتالي خلق الروح الإيجابية لدى الإنسان.
التعبد إلى الله عز وجل
التقرب إلى الله بالعبادات، من خلال أداء الفروض، والنوافل، كالصلاة، والصيام، وذكر الله عز وجل بشكل دائم، والتوجه إليه بالدعاء، كل ذلك يولد لدى الشخص الطمأنينة، والراحة الدائمة، التي ستنعكس على شخصيته، ويزداد اليقين لديه بأن الأمور جميعها بيد الله تعالى، وأن الله لا يريد له إلا الخير، والصلاح لنفسه، فإن لم يجد ذلك في الحال، سيتبين له بعد حين.
وفي الختام أقول بأن الإيجابية في الحياة لا تقتصر على النفس، أو الذات، بل يجب أن يتعامل الشخص مع الناس من حوله على هذا الأساس، فمن أتاه من الناس متشائما، يائسا، لا بد له من أن ينصحه، ويوجهه، ويبث لديه التفاؤل في الحياة، ويكون عونا له، فالشخص الإيجابي هو إيجابي مع نفسه ومع الآخرين.