تذخر الثقافات المختلفة حول العالم بالعديد من الحكايات الشعبيّة حول قصص الحب العظيمة الّتي بذل فيها المحبّون التضحيات، وقاموا بالبطولات من أجل الوصول إلى الحبيب، ولا يقتصر الأمر على الحكايات الشعبيّة فقط؛ بل يمتدّ إلى الأساطير القديمة حول الآلهة الوثنيّة والبشر الأوائل، وتوجد العديد من القصص التي تروي حكايات المحبّين في الكتب السماويّة أيضاً، ولكن في سياقاتٍ مختلفة بغرض أخذ العبرة والعظة من الحوادث السابقة.
وثقافتنا العربيّة الغنية بتراثها الشعري مليئةٌ بقصص الحب وبطولات الفرسان من أجل الحبيبة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أعلى؛ فهو رجل كان يحبّ زوجاته، ومن ذلك التراث نجد أنّ الحبيب يسعى إلى الحبيبة ويقاتل من أجلها كي يصونها ويثبت حبّه لها في الوقت ذاته، ونجد أيضاً أنّ قصص الحب التي تنتهي بشكل ناجح هي القصص التي لا تدور إلّا حول الحب العفيف والوصول إلى الحبيبة من أجل الزواج والحياة المستقرّة.
وفي زمننا الحاضر الغنيّ بأشكال وأنواع عديدة من الثقافات، التي تتباين من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى بل من عائلة لأخرى، يكون من الصعب على الشاب أو الفتاة أن يجد أيٌّ منهما الحبيب الّذي يعشقه، وفي الوقت نفسه يلبّي متطلبات المثل العليا التي تربى عليها؛ فالفتاة تكون تربيتها غير الشاب الذي يكون متسرّعاً ومتحمساً إلى الوصول إلى الفتاة التي أحبها، أمّا الفتاة فهي تحمل عبئاً أكبر من ذلك الشاب؛ لأنّها مطالبة بصيانة سمعتها وسمعة أسرتها وسط المجتمع خاصّةً في المجتمعات المغلقة. ولا يكون من السهل على كلّ الشباب أن يتواصلوا مع الفتيات دون الوقوع في مشاكل وعيوب التردّد والفهم الخاطئ من الفتاة، وربّما الرفض المباشر دون التعرف على نوايا الشاب وحقيقة ما يشعر به، والفتاة في ذلك قد تكون محقّة؛ فهي لا تترك الفرصة لأحد كي لا يظنّها سهلة المنال، ولا تثق بأحد بسهولة من أجل حفظ ذاتها.
ولكي يثبت الشاب للفتاة أنّه يحبها في مثل تلك الحالات، يكون عليه أن يتبع الطريق الأصعب ولكنّه الطريق الأصح من أجل الوصول إلى مبتغاه، أوّل ذلك الطريق هو إخلاص النيّة وإشهاد الله تعالى أنّه لا يريد الفتاة إلّا في الحلال، وذلك كي يراقب نفسه دائماً ويمنع نفسه عن المحاولات التي قد تضرّ به وبها، وثانياً على الشاب أن يهتم بالفتاة بشكل لا يجرح حياءها ولا عقلها ولا يشوّه صورتها وسط الدوائر المحيطة بها، ثالثاً أن يترقّب الفرصة للتقدّم لبيت أهلها من أجل إعلامهم بأنه يريد ان تكون زوجته حتى لا يتقوّل أحدٌ على الفتاة بشيءٍ ما، وكي لا تشعر الفتاة أنّها تفعل ما يشينها.
