حسن الخلق
حسن الخلق هي الصفة التي تحلّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت أحد أهمّ الصفات التي تميزه عن باقي البشر، فقد وصفه الله تعالى في القرآن الكريم بحسن خلقه فقال تعالى في وصفه:"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، فحسن الخلق في الإسلام هي الصفة العظمى التي يجب أن يتحلّى بها المسلم الحقّ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق الأسمى في البشر أجمعين.
فحسن الخلق هو واحدٌ من أعظم الأمور في الإسلام والتي أمر الله تعالى البشر بالتحلي بها فكان أنبياءه عليهم الصلاة والسلام هم أول من اقتدوا بذلك، فهذا يوسف عليه السلام يعفو عن إخوته بعد أن رموه في البئر وادّعوا بأنّه قتل أمام أبيهم، وهذا نوح عليه السلام يدعوا قومه بحسن خلقه لفترةٍ لا يحتملها بشر، وهذا محمّدٌ عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام يدعون البشر أجمعين إلى الإسلام بحسن أخلاقهم ويفتحون البلاد من بعد موته عليه الصلاة والسلام بحسن أخلاقهم مع البشر في رحلاتهم للتجارة وفي أخلاقهم في الحرب أيضاً.
لقد أمّر الله تعالى العباد أجمعين بحسن الخلق حتى في حالٍ كان الإنسان مظلوماً فيقول تعالى:" في سورة الشورى وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"، ولكن ومع هذا كلّه فقد يتساءل الإنسان عن المعنى الحقيقي لحسن الخلق الذي يدعونا الإسلام إليه والذي ألف فيه العديد من الفلاسفة العظام كأفلاطون والذي مات من أجله سقراط والذي يربينا عليه أهلنا منذ الصغر؟
فحسن الخلق هو جمال طبع وسجية طرق ووصفات الإنسان كالصدق والأمانة والحياء، فهي صفات الإنسان التي تعمر المجتمع والتي تأتي بالخير والعدل إلى المجتمع والتي يتردى المجتمع ويهوي وتضيع الأمم في حال ضياعه كما حدث مع العديد من الأمم التي ذكر التاريخ انحطاطها بعد ضياع أخلاقها.
إنّ حسن الخلق يكون بالتحلي بجميع الصفات الحسنة في تعامله مع الإنسان وفي حياته في المجتمع، فيكون صاحب الخلق ذا حياءٍ ولا يؤذي من حوله من الناس ولا يأخذ ما يزيد على حقه، فلا يسرق ولا يظلم وحتى لو ظلم من قبل، فيكون عادلاً في حكمه وتعامله مع الناس وفي جميع أفعاله وأعماله، فقد أظهر أفلاطون أن العدل هو ما يجلب الرفعة للمدن في كتابه المدينة الفاضلة، فكانت فضيلة هذه المدينة هي العدل التي هي من أعظم صفات الخلق الحسن، كما يكون ذو الخلق قليل الكلام، فكثرة الكلام تزيد الزلل والخطأ، وكما كان جميع العلماء والفلاسفة وذوو الشأن قليلي الكلام، فلا يتكلّمون إلّا بما ينفع الناس، ولا يكون كلامهم أيضاً في غيبةٍ أو نميمةٍ أو سبابٍ أو شتم، بل يكون كلامهم بما ينفع وما يجلب الخير للبشر والمجتمع، ويتحلّى صاحب الخلق بالبسمة على الدوام وتكون حياته كلّها في سبيل الله تعالى.