القولون العصبي
ازدادت في الفترة الأخيرة الإصابة بمرض القولون العصبي أو كما يُطلق عليه البعض (متلازمة القولون المتهيج)، والذي يُعرّف بأنّه اضطراب الحركة العصبيّة للقولون، والتي تنتج عنها سرعة أو بطء في حركة القولون الذي يؤثر على عمليّات الامتصاص والهضم. أصبح القولون العصبيّ من أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز الهضميّ، والذي يُشكّل أكثر من اثني عشر بالمئة من أعداد المرضى الذين يزورون أطباء تخصّص القناة الهضميّة في عياداتهم. تعتبر النّساء أكثر إصابةً بهذا المرض من الرّجال؛ فكلّ إصابة في الرّجل تقابلها ثلاث إصابات من النّساء، ولا توجد فوارق في الإصابة بهذا المرض بين الأجناس، ولا توجد أعمار محدّدة محصّنة من مرض القولون. (1)
وظيفة القولون
تكمن وظيفة القولون بامتصاص الماء، والأملاح، والفيتامينات، وإنتاج بعض من الأجسام المضادّة لمقاومة الأمراض البكتيرية، بالإضافة إلى حفظ ما تبقّى من الطعام لفترات قد تصل إلى أيّام على شكل براز يدفعه إلى خارج الجسم أثناء عمليّة التغوّط، وهي المرحلةُ الأخيرة من رحلة الطعام عبر الجهاز الهضمي. يتكوّن القولون من عضلات طوليّة ومستعرضة تنقبض لتُحرّك محتويات القولون مُتّجهة الى المستقيم.
تعمل العضلات المحيطة بالمعدة والأمعاء الغليظة والدقيقة على قيادة الطعام على طول الجهاز الهضميّ دون أيّ تقصير أو خطأ، ودون إسراع أو إبطاء، وذلك حتّى يصل الطعام إلى الأمعاء الدقيقة؛ حيث تمتصّ معظم مكوّنات الطعام المفيدة لتدخل إلى مجرى الدم، وما تبقّى يُكمِل طريقه إلى الأمعاء الغليظة؛ حيث تمتصّ فيها بعض الأملاح والماء، وما تبقّى يكون على شكل براز يخرج من المستقيم إلى خارج جسم الإنسان عبر فتحة الشرج أثناء عملية التغوّط. (2)
أعراض مرض القولون العصبي
هناك مجموعة كبيرة من الأعراض المصاحبة لهذا المرض ومنها: (3)
- الألم المتكرّر والمزمن في منطقة أسفل البطن من الناحية اليمنى أو من الناحية اليسرى؛ حينها يشعر المريض بوجود حرقة أو تقلّصات في البطن تزول عند التبرز، ويعاني المريض من نوبات الألم هذه عندما يكون مستيقظاً، فلا تحدث مطلقاً أثناء نومه. من الما هى اسباب التي تزيد من الشعور بالألم تعرّض المريض لضغوط نفسية، أو تناول أنواعٍ مُعيّنة من الطعام، إلا أنّه حين يتخلّص الجسم من الفضلات أو الغازات فإنّ الآلام تخفّ مباشرة.
- تقلّب في حركة الأمعاء من إسهال إلى إمساك، لكن في أغلب الأوقات تكون مائلة إلى الإسهال؛ فعلى سبيل المثال يتغوّط المريض أكثر من ثلاث مرّات يومياً، أو أقل من ثلاث مرات خلال الأسبوع.
- الانتفاخ وخروج الغازات من الجسم.
- يُسبّب الإمساك الإصابة بآلام القولون نتيجة تخمّر الطعام وعدم امتصاصه.
- عدم الإخراج الكامل وعدم الارتياح، وآلامٍ متواصلة في منطقة البطن.
- يصيب الإسهال أحياناً مريض القولون عند تناول بعض الأطعمة أو دون تناول الطّعام.
- حدوث بعض الأصوات في بطن المصاب بالقولون وذلك لوجود الغازات.
- تلازم خروج خيوط مخاطية مع البراز من أحد الأعراض الظاهرة لمريض القولون.
- يصاب مريض القولون كثيراً بالغثيان والتّعب الشّديد .
- تعد الحموضة التي تصيب المريء من أشدّ الأعراض إزعاجاً لمصاب القولون.
- يعمّ الألم في القدمين واليدين والكتفين والصّدر وصداع لمريض القولون.
- تصاحب هذه الأعراض بعض المشاكل وعيوب النفسية من كآبة، وقلق زائد، وصعوبة في النوم، وأرق.
- مشاكل وعيوب في العلاقة الزوجيّة لحدوث آلام مبرحة أثناء الجماع، أو قلة الرغبة فيها.
- من الممكن أن تصاحب بعض الأعراض البولية من تكرار وألم في المثانة أثناء التبوّل.
- حدوث عملية التجشّؤ: وهي عبارة عن خروج الهواء بكثرة من فم المصاب بمرض القولون، بالإضافة إلى إحساس بطعم غريب ومُزعج في الفم.
والجدير ذكره أنّه ليس من الضروري أن تتواجد جميع هذه الأعراض عند جميع المرضى، فأحياناً تظهر عند مريض بينما لا تظهر عند الآخر، فالطبيب وحده مَن يستطيع فحص وتشخيص المرض بعد إجراءات الفحوصات الطبية.
ما هى اسباب مرض القولون العصبي
لا توجد هناك ما هى اسباب مباشرة للقولون العصبي؛ فهناك بعض من العلماء يقولون إنّ هنالك خطأً في التنسيق ما بين الأوامر العصبية والأمعاء الغليظة، حيث تتمّ الزيادة في انقباضات العضلات المحيطة في القولون فتُسبّب آلاماً تقلّصية، وسرعة حركة في الأمعاء، ممّا يُسبّب الإسهال. ولكن هناك بعض المُحفّزات التي قد تزيد من مشكلة القولون العصبي، من أهمّها: (3)
- سوء استخدام الغذاء: وذلك من خلال الإفراط في تناول الطعام، وإهمال وجبة الإفطار، وجعل وجبة العشاء وجبةً رئيسيّةً، وتناول الوجبات الدسمة، والوجبات التي تحتوي على توابل كثيرة، والإكثار من الوجبات الحارة وبعض البقوليّات مثل: الحمّص، والعدس.
- الضغوط النفسية: أشارت الكثير من الدراسات البحثية الحديثة إلى وجود رابط بين انتشار مرض القولون العصبيّ وبين الأشخاص المُعرّضين للضغوطات النفسيّة، فوجدوا أنّ القولون العصبي يكثر بين أصحاب المهن التي يزيد فيها الضغط والتوتر العصبيّ.
- العوامل البيئية: يعاني أغلب سكان دول الخليج من القولون العصبي، وذلك بسبب المناخ السيّئ بدرجات حرارته المرتفعة صيفاً، وشديدة البرودة في فصل الشتاء، وكل هذه العوامل ساعدت على الحدّ من نشاط السكان وقلّت حركتهم، بالإضافة إلى اعتمادهم الكامل على الوسائل المريحة التي يرافقها المكيّفات، والتي شاركت بنسبة ضئيلة في الإصابة بأمراض عديدة من بينها القولون العصبي.
- الأدوية: إنّ الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية يؤثّر على البيئة البكتيرية الطبيعية الموجوة داخل القولون، ممّا يؤدي إلى اختلال في الوظيفة الطبيعيّة له، وبالتالي حدوث المشكلة.
- الوراثة: لا يزال العامل الوراثي تحت الدراسة، لكن هناك اقتراحات تُبيّن العلاقة الكبيرة بين الإصابة بالمرض والتاريخ العائلي للإصابة به، ممّا يدعم من فرضية أنّ الإصابة بالمرض لها استعدادات جينية.
- ممارسة العادات السيئة، كالتدخين، وتناول المُنبّهات بكثرة، مثل: القهوة، والشاي، إضافةً إلى قلة النوم.
علاقة الما هى اسباب النفسيّة والقولون العصبي
تعد الأمعاء الغليظة والرفيعة مِن أكبر الأعضاء في جسم الإنسان؛ حيث يصل طوليهما معاً إلى 10 أقدام من العضلات الملساء، ويتحكّم بحركتها المستمرة الجهاز العصبي، لذلك مرضى القولون العصبي تحدث لهم اضطرابات في الحركة التلقائيّة للأمعاء، مما يؤثر على سير محتواها من الطعام، وتحدث هذه الاضطرارات عند التعرض لاضطرابات نفسيّة؛ كالقلق، والخوف، أو مواقف الحزن الشديد والتي من خلالها تؤثر على الجهاز العصبي، فتتأثر أعصاب القولون التي تقوم في وظائف الخلايا العصبيّة الموجودة في جدار الأمعاء وتتصل مباشرةً بالجهاز العصبي. (2)
التشخيص
لا يوجد هناك أيّ تحليلٍ مخبريّ أو إشعاعيٍ يمكن من خلاله إثبات بأنّ الأعراض التي يعاني منها المريض هي أعراض القولون العصبي، ويتم الفحص وتشخيص من خلال مقابلة الطبيب المتخصّص، وأخذ التاريخ المرضيّ بالكامل، وبعد ذلك يطلب الطبيب من المريض إجراء الفحوصات التي تشمل: فحص للدم والبراز، ومنظار للقولون من خلال فتحة الشرج، ويتم إجراء كل تلك الفحوصات لاستبعاد أيّ ما هى اسباب عضوية أخرى عند المريض ذات أعراض مشابهة. يعتمد الفحص وتشخيص عادةً على السيرة، والتاريخ المرضي للمريض، والفحص السريري. بعد تأكُّد الطبيب من استبعاد الما هى اسباب العضوية للجهاز الهضميّ، سيبدأ بسؤال المريض عن أنواع المأكولات والمشروبات التي تظهر معها حالة القولون العصبيّ.(3)
طرق ووسائل الوقاية
تشمل الوقاية بشكل أساسي الابتعاد عن الأمور التي قد تزيد من مشكلة القولون العصبي؛ والتي تتلخّص فيما يأتي: (3)
- تناول الوجبات الدسمة التي تحتوي على دُهنيّات، والابتعاد عن الأكل الذي يحتوي على توابل وبهارات لأنّه يزيد من المشكلة، ويُنصح المريض أن يوزّع الوجبات، وعدم تناول وجبة دسمة مرّة واحدة.
- تناول الأطعمة المليئة بالألياف مثل: الخضار، والفواكه، بالإضافة إلى الزيوت الصحية، مثل زيت الزيتون، وزيت السمك.
- شرب كميّات وفيرة من الماء وبشكل كبير؛ لأنّها تخفّف من مُشكلة القولون العصبي.
- الابتعاد عن التدخين، والتخفيف وانقاص من المنبهات، مثل: القهوة والشاي.
- تغيير روتين الحياة، كالمشاركة في بعض الأعمال التطوعية، وممارسة الرياضة، والخروج مع الأصدقاء، والمحاولة قدر الإمكان لتغيير من نفسيّة المريض.
- أخذ مقدارٍ كافٍ من النوم أثناء الليل.
- تجنّب التوتر النفسي، فيجب على المريض أن يعرف سبب توتّره وقلقه، ثمّ معرفة طرق ووسائل العلاج و دواء منه ليوفّر حالة الاسترخاء.
ملاحظة
يمكن أن يلجأ الطبيب إلى استخدام بعض العلاجات الدوائية التي تساعد على تخفيف بعض الأعراض وليس العلاج و دواء التام، لكن من الضروري الانتباه إلى موضوع العلاجات الدوائية؛ حيث لا يمكن استخدام أيّة أدوية دون استشارة الطبيب، كما يجب عدم اللجوء إلى أيّ طرق ووصفات ينصح فيها أحد الذين يعانون من المرض ذاته؛ لأنّها من الممكن أن تزيد من المشكلة، وتؤدّي إلى التسبّب في مشاكل وعيوب أخرى يكون المريض في غنىً عنها.
المراجع
(1) بتصرّف عن مقالة إحصائيات، aboutibs.org
(2) بتصرّف عن مقالة وظائف الأمعاء الغليظة، newhealthguide.org
(3) بتصرّف عن مقالة متلازمة القولون العصبي، webmd.com