شرع الله سبحانه و تعالى الزّواج و هو يعلم حاجة الذّكر و الأنثى لبعضهم البعض ، فقد ركّب الله في كلّ جنسٍ غرائز و ميلاً اتجاه الجنس الآخر ، و قد شبّه الله سبحانه و تعالى العلاقة بين الزّوجين مثل العلاقة بين اللباس و الجسد ، فاللباس هو غطاءٌ للجسم يحميه من عوامل البيئة المختلفة كالبرد و شدّة الحرّ و اللباس كذلك ساترٌ للعيوب و العورات ، فكذلك الزّوج و الزّوجة كلاهما حافظٌ لشريكه ساترٌ لعيوبه كاتمٌ لأسراره ، فالحياة الزّوجية هي حياة متكاملة الأدوار يعرف كلّ طرفٍ فيها حقوقه و يؤدّي واجباته في ظلّ مشاعر المودّة و المحبّة و تحت ظلال السّكينة و الرّحمة .
و لا ريب بانّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم حين كان يحثّ الشّباب على الزّواج فإنّه كان يستند إلى فوائد هذه العلاقة المقدّسة ، فمن فوائدها حفظ الجنس البشريّ و حفظ النّسل ، فبدون الزّواج ينقرض الجنس البشري فلا يتوالد ، و كذلك تختلط الأنساب حين يفكّر النّاس في بدائل عن الزّواج في العلاقات المحرّمة كالزّنا فلا يعرف الابن من أبوه ، و كذلك هناك فائدةٌ عظيمةٌ تتأتّى من الزّواج و هي إعفاف النّفس البشريّة و سدّ احتياجاتها النّفسيّة و الجسديّة ، فالشّاب محتاجٌ للزّواج حتى لا يقع في الفاحشة و الرّذيلة و يرتكب ما نهى الله تعالى عنه ، فالزّواج يرسّخ كلّ المعاني الفاضلة و الجميلة في المجتمع و يشكّل عامل وقايةٍ و حمايةٍ للشّباب من الوقوع في الرّذائل و بالتّالي ينال العبد رضا الله سبحانه و تعالى في الدّنيا و الآخرة .
و من فوائد الزّواج الكثيرة صناعة أسرةٍ متحابّةٍ نافعةٍ لمجتمعها تشكّل لبنةً أساسيّةً فيه ، فالمجتمعات تأسّس على لبناتٍ قويّةٍ تتكوّن من أفرادٍ صالحين يقدّمون لمجتمعهم و أمّتهم الكثير من الجهود و التّضحيات ، و بالتّالي تكون الأسرة رافداً معطاء لمجتمعها و أمّتها .
و من فوائد الزّواج أنّه يصنع أفراداً يتحمّلون المسؤولية ، فالرّجل حين يدرك أنّه مسؤولٌ عن أسرةٍ فإنّه يقوم ببذل الجهد و تحمّل المسؤولية اتجاه أفراد أسرته ، و كذلك المرأة في الأسرة تدرك المسؤوليات المناطة بها و تتحمّلها بكلّ مشاعر المحبّة و الرّحمة و الحنان .
