الأنظمة الاقتصادية
تتعدّد الأنظمة التي تتحكَّم بالاقتصاد، فظَهر على مستوى العالَم نِظامان رئيسيان؛ هما النِّظام الرّأسماليّ والنِّظام الاشتراكي، وهما عكس بعضهما البعض تقريباً، وانتشر كلٌّ منهما في مناطق مختلفة، ولكن كانا يعانيان من سلبياتٍ كبيرةٍ ممّا أدّى إلى انهيارهما بسرعة، واليوم سنقدِّم تعريف ومعنى النِّظام الرّأسماليّ.
النِّظام الرأسمالي
هو نظام يقوم على وضع المادّة في مقدّمةِ الأولويات الاقتصاديّة، كما يعتمد على مبدأ فصل الدّين عن الحياة، ومنها على كيفيّة تطبيق السياسة الاقتصادية؛ حيث يرتكز على تنمية المُلكيّة الفرديّة، وزِيادة رؤوس الأموالِ بشتّى الطّرق والوسائِل من أجل إشباع حاجاتِ الإنسان الأساسيّة والكماليّة.
ويرتكز النِّظام الرّأسمالي على اقتناص الفُرص لزِيادة الثّروة بعيداً عن تدخّل الدّولة أو محاولةِ الحَدّ من هذا التوسّع على حساب الكثير من الأمور الأخرى؛ حيث إنّ الاعتماد الرّئيسي فيه على الشِّراء والبيع والتّملّك والتّأجير والاستيراد والتّصدير وغيرها من العمليّات الاقتصاديّة، كما أنه يُبيح وضعَ القوانين والأنظِمة من أجل حِماية الأموالَ والمُمتلكاتَ الفرديّة حتى لو كانت على حِساب حريّة الآخرين.
وقد تمَّ فصل الدّين عن الحياة في النِّظام الرأسمالي من أجل التفرّد بالحرية العُظمى في كَسب الأموال؛ لأنّ الدّين يُنظِّم عمليّات البيع والشراء لمصلحة المُستهلكين، وهذا ما لا يُريده منادو النِّظام الرّأسمالي، فمثلاً، يُحرّم الإسلام الاحتكار أو استغلال ظروف البيع والشِّراء من خلال شراء حاجاتٍ رئيسيّةٍ يحتاج إليها الناس ومن ثمّ إخفائها وبيعها وقت ارتفاع سعرها وزيادة طلب المستهلكين، والنّظام الرأسمالي يُبيح العمل في تجارةِ المخدِّرات والممنوعات التي يحرِّمها الدين، ويرتكز على المزاحمة والمنافسة في الأسواق من أجل زيادة الكسب والتَّملك.
تاريخ النِّظام الرأسمالي
ظهر النِّظام الرّأسمالي على أنقاض النظام الإقطاعي بعد ظهور النّظام البرجوازيّ، وانتشر بشكلٍ كبيرٍ بسبب الثّورات والحروب، ممّا أدّى إلى تراكُم الثّروات والأموال، وقد كان في البداية عبارة عن مُناداةٍ للحريّة وتقليص دور البابا الرّوحي، ثم ظَهر المذهب الطّبيعي الذي يُنادي بأن الاقتصاد له قوانين طبيعيّة تُنظِّمه، وليس من حقِّ أحدٍ أن يضعَ القوانينَ والأنظمة التي تُحدّد من مداه، وبذلك لا يجوز للدّولة التّدخل بسياسة الاقتصاد، وإنّما مَهمّتها المراقبة وتوفير الحماية للأفراد والممتلكات. وقد ظهرَ هذا المذهب في النّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر في دولة فرنسا.
عيوب النِّظام الرّأسمالي
- ظهرت الكثير من المشاكِل بسبب النِّظام الرأسمالي في الدّول، منها الأنانيّة، وتركُّز رؤوس الأموال في يد عدد قليلٍ من التُّجار.
- زيادَة الفَقر لشريحِة المُستهلكين نتيجةَ الجشعِ والطّمع الذي اجتاحَ التّجار، وابتزاز الأيدي العاملة حسب أهواءِ أصحابِ رؤوس الأموال.
- انتشار الحروب والاستعمار والتّدمير بسبب محاولةِ أصحاب رؤوس الأموال زيادة الأملاكِ والأموالِ، وهذا يجعل العالم غابةً يأكلُ القويّ فيها الضّعيف.
- يعتمد النِّظام الرأسمالي على الربا؛ إذ يضع فوائد عالية على المستهلكين.