محمد -عليه الصلاة السلام-
الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو قدوة البشر والمسلمين، وهو من وصل إلى قمة الكمال البشري، سواء كان هذا في التعاملات البشرية أم في العبادات المختلفة التي فرضها الله تعالى، والصلاة هي عمود الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، وأول ما يسأل عنه العبد المسلم يوم القيامة، فعلى المسلم لذلك أن يقوم بها على أتم وجه، ولا يمكن لأي شخص أن يتم الصلاة على احسن وأفضل وجه إلا إن عرف طريقة الصلاة الصحيحة، ولهذا فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : "صلوا كما رأيتموني أصلي".
صلاة الرسول -عليه الصلاة السلام-
فأما صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد وصفها الصحابة الكرام، ومن ثم العلماء من بعدهم؛ كونها الشاهد للصلاة المثالية، فكان -عليه الصلاة والسلام- يبدأ الصلاة بالوضوء إذا حضر وقتها فيحسن الوضوء، ومن ثم يستقبل القبلة بكامل جسده، ومن ثم ينوي الصلاة بقلبه سواء كانت فريضة أم نافلة، ولم يرد عنه أو عن الصحابة الكرام أنهم كانوا ينطقون بالنية للصلاة، ولكن الهام في النية هو التوجه بالقلب لله تعالى بنية خالصة له تعالى لأداء الصلاة.
وبعد ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم يبدأ بتكبيرة الإحرام بقوله: الله أكبر وهو ناظر ببصره إلى موضع سجوده، وفي هذا تعظيم لله تعالى وخشوع في الصلاة، فلا يسرح المصلي بنظره إلى ما حوله، وعند التكبير يرفع يديه إلى محاذاة منكبيه أو أذنيه، ويضع بعدها يديه على صدره واضعا كفه الأيمن فوق الأيسر، ويبدأ الصلاة بعدها بدعاء الاستفتاح، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من دعاء للاستفتاح بالصلاة ومن الاحسن وأفضل أن ينوع المسلم في قراءته لهذه الأدعية اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وبعد ذلك يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي في سره ويبدأ بقراءة الفاتحة، فقال -صلى الله عليه وسلم-:" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، ويقول آمين إن كانت الصلاة جهرية، وبعدها يركع قائلا: الله أكبر رافعا يديه إلى منكبيه أو أذنيه كما في تكبيرة الإحرام، ويجعل رأسه على مستوى ظهره ويضع يديه على ركبتيه، وكان يفرق أيضا بين أصابعه، ويقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ومن السنة أن يكررها ثلاثا أو يزيد، ومن السنة أيضا أن يقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، ويقوم بعدها من الركوع رافعا يديه حذو منكبيه أو أذنيه ويقول: سمع الله لمن حمده، وعند قيامه يقول ربنا ولك الحمد.
ومن ثم ينزل للسجود مكبرا كما في تكبيرة الإحرام، ويضع ركبتيه على الأرض قبل يديه إن استطاع ذلك، ويستقبل بأصابع قدميه وأصابع يديه القبلة، فلا يفرقهم كما في الركوع، وتكون أعضاؤه السبعة على الأرض وهي: الوجه ( الجبهة والأنف) واليدان والركبتان وأصابع القدمين، ويقول : سبحان ربي الأعلى، ويكررها ثلاثا أو أكثر، كما أنه يستحب الإكثار من الدعاء في السجود، فإنما يكون العبد أقرب ما يكون إلى الله تعالى وقت السجود، فيسأل الله تعالى في السجود ما أراد.
وكان -صلى الله عليه وسلم- يعتدل في السجود أيضا؛ فلا يرخي بنفسه إلى الأرض أو يبسط يديه على الأرض، وبعدها يرفع رأسه مكبرا ويجلس واضعا يديه على فخذيه وركبتيه ويقول: رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني، ومن ثم يعيد السجدة الثانية كالأولى، ويرفع نفسه بعدها مكبرا، ويجلس جلسة استراحة قبل القيام للركعة الثانية وهي جلسة مستحبة لا دعاء فيها ولا ذكر، ويقوم بعدها للركعة الثانية، ويفضل أن يعتمد في قيامه على ركبتيه إن تيسر ذلك ، ويعيد ما فعل بالركعة الأولى من دون دعاء الاستفتاح.
وبعد السجدة الثانية من الركعة الثانية كان -صلى الله عليه وسلم- يجلس واضعا يده اليمنى على فخذه الأيمن وقابضا أصابعه إلا السبابة للتوحيد، أو يقبض الخنصر والبنصر ويرخي الوسطى والإبهام ويشير بالسبابة، فإن كانت الصلاة ثنائية الركعتين كالفجر، فإنه يقرأ التشهد والصلاة الإبراهيمية، وإن كانت من أربع ركعات أو ثلاث فإنه يقوم لإتمام الركعات، ويجلس عند الانتهاء للتشهد الأخير، ويسن أن يقرأ بعد التشهد الأخير: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ويدعو بما شاء، ويسلم بعدها إلى جهته اليمنى واليسرى، ويقرأ بعدها الأذكار المختلفة بعد الصلاة، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يطمئن في صلاته في كل حركة يقوم بها فلا، يتعجل بحركاته أو يسيء نطق الأذكار والأدعية والآيات للعجلة أو غيرها، سواء كان في سره أو جهره.