الحضارة بمفهومها العصري هي نشأة لبعض الأمم البائدة التي سادت وعاشت منطقة ما في تاريخٍ ما واندثرت وبقيت لها آثار تدل على هذه الأمة أو الحضارة البائدة من أدوات أو نصوص مكتوبة أو بقايا هياكل عظمية تشير لهذه الأمة التي كانت عظيمة في يومٍ ما ثم اندثرت, وعلى ضوء هذا التوضيح سنتكلم عن أقدم الحضارات التي قامت على هذه الأرض منذ الأزل :
- حضارة ما بين النهرين ( الرافدين -العراق):أثبتت الدراسات والاكتشافات التاريخية في باب علم الآثار إن هذه الحضارة من أقدم الحضارات التي تم اكتشافها، ويعود تاريخ هذه الحضارة إلى 6000-8000 سنة ق.م، وقد أطلق الإغريق القدماء اسم ( ميسوبوتاميا ) ، ومعنى هذا المصطلح {بلاد ما بين النهرين} ، ومن أشهر الحضارات التي قامت في مهد ما بين النهرين (السومرية، الآشورية ، الكلدانية، الآكادية)
و أول حضارة فعلية قامت في بلاد ما بين النهرين هي (سومر)، أعرق وأقدم الحضارات التي عرفتها الاكتشافات البشرية، والتي أصبحت تعرف بعد عام 2000 ق.م باسم ( بابل ).
وكانت تقطن هذه الحضارة في العراق القديمة بالقرب من مصادر المياه والمعروفة اليوم بـ (دجلة والفرات) ،وهي أهم الروافد المعذية للعراق بالماء، وكانت سومر تعتمد في حياتها على الزراعة والصيد، وتعد أول حضارة اكتشفت الكتابة ونقشتها على الألواح الفخارية او الصلصالية والتي نسبت إليهم اللغة المسمارية فيما بعد، و كانت هي الكتابة الوحيدة السائدة ذاك الوقت، وكانت هي وسيلة التواصل ما بين شعوب الشرق الأدنى القديم.
ومن أشهر مدن حضارة سومر المندثرة (أور)-العاصمة، (أورك) ، (أوما) وفيما بعد تما انشاء مدينة في الشمال وأصبحت عاصمة لهم بدلاً من أور وهي (آغادة Agada). وكانت سومر تدين بديانات الآلهة المشابهة لآلهة الإغريق القدماء وهي أيضاً صاحبة أقدم ديانة معروفة بالتاريخ وأول من أعتنق عبادة الآلهة.
تواترت الديانة السومرية عبر الأجيال حتى أن بعض نصوص الكتاب المقدس (الإنجيل) قد تأثرت بشكل كبير بالمعتقدات السومرية ومن أشهر ما ورد فيها قصة الطوفان الشهيرة والتي عرفت عندهم باسم (أوتونابشتم)، ومن أهم ما خلدته الحضارة السومرية (ملحمة جلجامش) الأسطورية.
- الحضارة الكنعانية :قامت هذه الحضارة في فترة أوج قيام الحضارات وتعتبر من أوائل الحضارات السامية التي نشأت في الشرق الأدنى القديم وأول ظهور لها كان في سنة 3000ـ 4000 ق.م, وسادت هذه الحضارة مناطق بلاد الشام وكانت بؤرة نشأتها في فلسطين وامتدت لتغطي أجزاء من دول الاقليم (الأردن، لبنان، سوريا)، واختلف بعضاً من المؤرخين العرب في نسبهم وأصولهم، فمنهم من قال أنهم من سلالات العماليق،ومنهم من يرى أنهم من صُلب حام ابن نوح عليه السلام.
تكلم الكنعانيون باللغة المنسوبة إليهم وهي الكنعانية. ومن أهم المدن التي أسسوها في مناطقهم (صور ، السامرة ، جبيل ، بوس-اورشليم ، أوجاريت ، جزيرة آرواد ، صيدا ، قادش)، وأبرز المهن التي امتهنوها وعملوا بها الكنعانيين (الزراعة، الصيد، الصناعة، التجارة).
وكان لدى الكنعانيون معتقداتهم الخاصة في العبادة ومن أشهر ما عبدوه في وقتهم ذاك (إيل، وهو كبير الآلهة) وإيل يؤمن به كل الكنعانيون، ومن الآلهة التي عبدوها آلهة السماء (شم، شميم) ، الآلهة الأم (يم) وهي التي هزمها الإله بعل في ملحمة مبهمة لا أدلة كافية عليها.
وتعرضت الحضارة الكنعانية لعدد كبير من الغزوات والهجمات من الحضارات والأمم المجاورة على مر العصور والأزمان ومن أشهر هذه الغزوات التي تعرضوا لها في التاريخ :
- الغزو المصري 1200-1500 ق.م.
- الغزو الآشوري 1090-1120 ق.م.
- الغزو العبري 1020 ق.م.
- الغزو المصري الثاني 1000 ق.م.
- الغزو البابلي 612 ق.م.
والكثير من الغزوات الفارسية والبيزنطية والإغريقية التي تواترت عليها.