تعد حلب من أعرق المدن السورية ، بل وأكبرها من حيث المساحة ، وأيضا أكبر مدن بلاد الشام ، وهي كانت المدينة الثالثة في الدولة العثمانية ، بعد القاهرة واسطنبول ، وهي من أقدم المدن في العالم المأهولة منذ القدم ، وقد تعاقبت على حلب عدة حضارات ( الحثية ، الآرامية ، الآشورية ، الفارسية ، الهيلينية ، الرومانية ، البيزنطية ، الإسلامية ) ، كانت حلب عاصمة المملكة الأمورية يمحاض ، وأيضا كانت عاصمة الدولة الحمدانية إبان العصر العباسي ، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي منذ القدم إذ تتوسط الطريق من بلاد ما بين النهرين إلى البحر الأبيض المتوسط ، وأيضا متوسطة لطريق الحرير .
إن الذكر الأول لحلب كان من خلال الكتابة المسمارية على الألواح الطينية التي اكتشفت في مملكة إيبلا ، وأيضا في بلاد ما بين النهرين ، حيث تم وصف تفوقها التجاري وأيضا تفوقها العسكري، تعود تسمية حلب إلى اللغة السريانية البحتة ، وتعني ( المدينة البيضاء ) ، لأن لفظة أبيض بالسريانية القديمة تعني ( حلب ) ، ويدلنا هذا على تفرد أهل سوريا بإطلاق كلمة حليب على الحليب ، ويعود ذلك لبياضه ، ولأن السريانيون كانوا يسكنون سوريا ، بينما نجد الأقطار العربية الأخرى تطلق عليه اسم لبن، وما من شك تميز حلب بحجارتها الكلسية ذات اللون الأبيض ، فأطلق عليها اسم المدينة البيضاء .
إن كلمة شهباء هي في أصلها عربية المنشأ ، بحيث تعني في اللغة العربية ( الأبيض ) ، وربما حاول العرب قديما تفسير معنا حلب في السريانية ، بإضافة كلمة شهباء العربي عليها، تروي الروايات القديمة والأحاديث على أن تسمية حلب الشهباء ، تعود في أصلها إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام ، إذ كان يملك بقرة أطلق عليها اسم الشهباء لشدة بياضها ، وكان يسكن في مدينة حلب ، وكان يحلب بقرته هذه ، فينادي الناس ليتسابقون في شرب حليبها : ( حلب الشهباء ) ، ومن هنا درج هذا اللقب وهذه التسمية ، ولكن هذه القصة مشكوك بصحتها ، إذ لا يوجد لدينا دليلا تاريخيا يقر بصحة هذه المعلومة ، وخاصة أن ابراهيم الخليل كان يتكلم اللغة الآرامية والسريانية فقط ، ولم يكن يتكلم اللغة العربية ، ولم يكن حتى عارفا بهذه اللغة ، وبهذا لا يمكن له أن يطلق اسم شهباء على بقرته .