أبو سعيد الخدري
إنه أحد الفقهاء والمجتهدين العظام الذي ترك آثارا جليلة من بعده في الفقه والاجتهاد والرواية والنقل ، ليضاف اسمه إلى مصاف العظام المشهورين من أمثاله ، والذين ننهل من معارفهم الجليلة ولا نزال .
إنه الإمام المجاهد ، مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن عوف بن الحارث وأخوه لأمه هو قتادة بن سعيد النعمان الظفري أحد البدريين . توفي والده في يوم ولادته ، وقد اشترك أبو سعيد في واقعة الخندق، وكان أحد المبايعين تحت شجرة، وقد روى وتحدث ونقل الكثير من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكثر من ذلك أنه نقل أيضا الكلام الجيد مما رواه أبو بكر و عمر، وكانت معرفته واسعة ، وكان يعد من العلماء النادرين العظام في زمنه .
تلاميذه
قد روى ونقل الأحاديث عنه ومنه : ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، ومجموعة من أقرانه، وعامر بن سعد و عمرو بن سليم وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعمر بن نافع بن سعيد، و بشر بن حرب بن ندبة ، و سعيد بن المسيب ، و عبد الله بن خباب ، وعبد الرحمن بن أبي سعيد ، وعبد الرحمن بن أبي النعماء ، و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعطاء بن يزيد الليثي ، و عطاء بن يسار ، و هدية العوفي ، وأبو هارون بن العبدي ، و عياض بن عبد الله، و بن يحيى ، و محمد بن علي الباقر ، وأبو هيثم سليمان بن عمرو ، و سعيد بن جبير ، الحسن البصري ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، و خلق كثير .
روي عنه
- عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، قال : عرضت يوم أحد على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن ثلاث عشرة ، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول : يا رسول الله ! إنه عبل العظام . وجعل نبي الله يصعد في النظر ، ويصوبه ، ثم قال : رده ، فردني ،وعن إسماعيل بن عياش : أنبأنا عقيل بن مدرك ، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : عليك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء . وعليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن ، فإنه روحك في أهل السماء ، وذكرك في أهل الأرض . وعليك بالصمت إلا في حق ، فإنك تغلب الشيطان.
- روى حنظلة بن أبي سفيان ، عن أشياخه : أنه لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلم من أبي سعيد الخدري .
- قال أبو عقيل الدورقي : سمعت أبا نضرة يحدث قال : دخل أبو سعيد يوم الحرة غارا ، فدخل عليه فيه رجل ، ثم خرج ، فقال لرجل من أهل الشام : أدلك على رجل تقتله ؟ فلما انتهى الشامي إلى باب الغار ، وفي عنق أبي سعيد السيف ، قال لأبي سعيد : اخرج ، قال : لا أخرج ، وإن تدخل أقتلك ، فدخل الشامي عليه ، فوضع أبو سعيد السيف ، وقال : بؤ بإثمي وإثمك ، وكن من أصحاب النار . قال : أنت أبو سعيد الخدري ؟ قال : نعم . قال : فاستغفر لي ، غفر الله لك .
- عبد الله بن عمر : عن وهب بن كيسان ، قال : رأيت أبا سعيد الخدري يلبس الخز .
- ابن عجلان : عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : رأيت أبا سعيد يحفي شاربه كأخي الحلق . وقد روى بقي بن مخلد في " مسنده الكبير " لأبي سعيد الخدري بالمكرر ألف حديث ومائة وسبعين حديثا .
- قال الواقدي وجماعة : مات سنة أربع وسبعين .
- ابن المديني مع جلالته في وفاة أبي سعيد قولان شذ بهما ووهم ، فقال إسماعيل القاضي : سمعه يقول : مات سنة ثلاث وستين وقال البخاري : قال علي : مات بعد الحرة بسنة .
- أخبرنا إسحاق بن طارق ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا اللبان ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ، أخبرنا أبو حصين ، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن المعلى بن زياد ، عن العلاء بن بشير ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد ، قال : أتى علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن أناس من ضعفة المسلمين ما أظن رسول الله يعرف أحدا منهم ، وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري . فقال رسول الله بيده ، فأدارها شبه الحلقة ، قال : فاستدارت له الحلقة ، فقال : بما كنتم تراجعون ؟ قالوا : هذا رجل يقرأ لنا القرآن ، ويدعو لنا ، قال : فعودوا لما كنتم فيه ، ثم قال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم . ثم قال : ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمس مائة عام ، هؤلاء في الجنة يتنعمون ، وهؤلاء يحاسبون تابعه جعفر بن سليمان عن المعلى ، أخرجه أبو داود وحده مسند أبي سعيد ألف ومائة وسبعون حديثا ، ففي البخاري ومسلم ثلاثة وأربعون ، وانفرد البخاري بستة عشر حديثا ، ومسلم باثنين وخمسين .