وافت الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم المنيّة في يوم الاثنين، الثاني عشر من ربيع الأوّل من السنة الحادية عشرة للهجرة. وتوفّي وهو يكرّر: "بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى". وقام بغسل النبيّ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع العبّاس بن عبد المطّلب، بالإضافة إلى ولدي العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فكان العبّاس وولداه يقومان بتقليب الرسول عليه السلام، وأسامة وشقران يقومان بصبّ الماء، وعلي رضي الله عنه يقوم بغسله بيده من فوق ثيابه. وكان علي رضي الله عنه يردّد وهو يغسله بأبي أنت وأمّي طبت حيّاً وميتاً، ثمّ قام الناس فصلّوا عليه -عليه احسن وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم- فرادى، الرّجال ثمّ النساء ثمّ بعد ذلك الصبيان.
قام أبو طلحة الأنصاري بحفر قبرٍ للرّسول عليه السلام، وقام علي بن أبي طالب بالنزول إلى القبر مع ابني العباس رضي الله عنهم جميعاً، ووارى جسده الطاهر التراب، ورفعوا القبر مقدار شبر عن الأرض، وكان رأسه إلى جهة الغرب، ورجلاه إلى جهة الشرق، ووجهه كان باتجاه القبلة.
موقع قبر الرسول
يقع قبر الرسول صلّى الله عليه وسلم في الحجرة التي توفّي فيها، والتي كانت تقيم بها زوجته عائشة رضي الله عنها، وتقع هذه الحجرة بالتحديد شرق مسجده رضي الله عنه في المدينة المنوّرة، ويمكن وصف مكان قبره صلى الله عليه وسلم في الزاوية الغربيّة القبليّة من حجرة عائشة رضي الله عنها. ويذكر أنّ الحجرة كانت مبنيّةً من الجريد قبل أن يقوم عمر بن الخطاب باستبداله بالحجر؛ إذ قام ببناء حائطٍ صغيرٍ عليه، وبعد ذلك دفن بجانبيه صلى الله عليه وسلم صاحباه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، بعد أن أوصى أبو بكر الصديق عائشة بأنّه إذا توفي أن يدفن بجانب الرسول عليه السلام، واستأذن عمر بن الخطاب عائشة قبل موته بأن يتمّ دفنه بجانب صاحبيه، فقالت له كنت أريده لنفسي، ولأوثرنّه اليوم على نفسي.
تجدر الإشارة إلى أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم توفّي عن عمر 63 سنةً، ولم يترك من بعده شيئاً لا ديناراً ولا درهماً؛ بل إنّه مات صلّى الله عليه وسلم وقد رهن درعه مقابل كذا صاع من الشعير. و يذكر أنّ الرسول عليه السلام قد أقام فريضة الحج مرّةً واحدةً فقط وخطب وقتها في الناس، وقد عرفت هذه الحجّة بحجة الوداع، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة. وقد أوصى الرسول عليه السلام خلال خطبته بالعديد من أمور العقيدة الإسلاميّة، و كذلك أوصى بالنساء، وحذّر من الربا والزنا.