رسول الله الأعظم محمّد – صلّى الله عليه وسلم – هو خاتم الأنبياء والمرسلين الّذي أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين، ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى رحابة النور، ومن الجهل إلى العلم، كما بعث الرسول الأعظم ليثبت الأخلاق الحسنة، ويمحو الأخلاق السيّئة من الناس. بعث الله تعالى رسوله محمّد هدايةً للناس كافّةً من أرض مكّة المكرمة؛ حيث عانى فيها من ظلم وجور أهلها عليه وعلى أصحابه ممّن آمنوا، فهاجر الرّسول إلى المدينة المنوّرة هو وجماعة المسلمين المهاجرين، وأسّسوا الدولة فيها، وتعرّضوا لهجماتٍ من قريش ومن والها، وانتصر المسلمون عليهم بمعارك حاسمة، وفتحت مكّة واقترب أجل رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – بعد حجّة الوداع.
وفاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ودفنه
كان فتح مكّة بمثابة إعلام للرسول الأعظم باقتراب أجله ولحظة وفاته، فقد نزلت على قلبه الشريف سورة النّصر، والّتي تبداً بالآية الكريمة " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ "، وهذه الآية هي التي أعلمته بشكل أو بآخر بهذا الأمر.
أدّى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حجة الوداع في العام العاشر من هجرته الشّريفة إلى المدينة المنورة، وهي التي ودّع فيها المسلمين وأوصاهم بفعل الصّالح من الأمور، وأكّد عليهم الكبائر الّتي يتوجّب عليهم تجنّب فعلها.
بدأ مرض الرّسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – في شهر صفر من العام الحادي عشر للهجرة، وكان قد أمر تجهيز جيش أسامة بن زيد – رضي الله عنهما-، وكانت وجهة هذا الجيش هي فلسطين؛ حيث جهّزه الرسول لحرب الروم. تمّت رعاية الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في آخر أيّامه داخل بيت أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها وعن أبيها -، وأمر أبا بكر بأنّ يصلّي بالناس، وكانت وفاته – صلى الله عليه وسلم – بعد أن صلى صلاة الفجر في شهر ربيع الأوّل من السنة الحادية عشرة للهجرة، وتحديداً في يوم الإثنين.
عمّ الحزن على الفقيد العظيم خير الناس في المدينة المنورة، ولمّا كان يوم الثلاثاء بدأ المسلمون بتجهيزه للصلاة ومن ثم دفنه، فجهّزه آل بيته الكرام: علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، والعبّاس بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد، وقثم بن العبّاس، وشقران مولاه، ثمّ رفع فراشه الشريف الذي كان عليه في بيت السيدة عائشة، فقام الصحابي الجليل أبو طلحة الأنصاري بحفر القبر تحته، ثمّ صلّى الناس عليه جماعاتٍ بلا إمام، ثم أنزله كلٌّ من العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب في قبره الشريف، وكان ذلك في ليلة الأربعاء. ومن هنا نرى أنّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان قد دفن في المدينة المنوّرة في المسجد النبوي في حجرة أمّ المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -.