أخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم
تعجز الأقلام ويتلعثم اللّسان حين يتحدّث الإنسان عن سيّد بني آدم وخيرهم سريرة وأفضلهم إيماناً وأكملهم خلقاً وأطهرهم جناناً سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام، فقد اختاره ربّ العزّة سبحانه ليكون خاتم أنبيائه وأيّده بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو القرآن الكريم الذي جاء كتاب الله الخالد المحفوظ على مرّ السّنين المهيمن على من سبقه من الكتب السمّاويّة.
حينما اصطفى الله سبحانه سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام اصطفاه من خير البشر نسباً وأخلاقاً وكمالاً وهم بنو هاشم بن عبد المطلب، فقد كانوا سدنة البيت وخدّامه ووجهاء الحي وأعلامه، وقد كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يلقّب قبل البعثة بالصّادق الأمين لصدقه وأمانته التي دعت يوماً السّيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها لخطبته والزّواج منه.
حينما بعث الله نبيه عليه الصّلاة والسّلام برسالة الإسلام وشريعة القرآن أمره بتبليغ النّاس وأداء الأمانة فكان عليه الصّلاة والسّلام خير من يؤدّيها متحمّلاً في سبيل ذلك الأذى والصّدّ والعدوان، وقد كانت أخلاقه الرّفيعة السّامية تسمو به بين النّاس فكان متميّزاً في كلّ شيء حتّى وصفه ربّ العزّة بقوله: (وإنّك لعلى خلق عظيم )، كما كانت السّيدة عائشة رضي الله عنها حينما تسأل عن خلق النّبي تقول كان خلقه القرآن، ومعنى هذا اشتمال نفسه الطّاهرة على كلّ صفات الخير والفضيلة وابتعاده وترفّعه عن صغائر الذّنوب وخوارم المروءة.
أمّا عن تفاصيل أخلاقه النّبيله وتعامله مع النّاس فمنها تعامله مع من كان يخدمه وهو الصّحابي الجليل أنس بن مالك حيث لم يقل له يوماً لشيءٍ فعله لم فعلته ولا لشيء لم يفعله لم لم تفعله وما سبّه يوماً ولا شتمه وحاشاه عليه الصّلاة والسّلام، كما كان خلقه مع الناس خلقاً كريماً راقياً حيث كان يلقى الصّحابة بالابتسامة وبشاشة الوجه ويبادرهم بالسّلام، وقد كان كريماً جواداً يحبّ أن يكرم ضيفه، متسامحاً في حقّه أسمى ما يكون التّسامح حتّى أنّ أعرابيّا يوماً مسكه من قميصه فأثّرت في رقبته الشّريفة الطّاهرة حتّى همّ عمر بن الخطّاب أن يفتك به فما كان ردّه إلاّ أن قال مهلاً يا عمر أؤمرني بحسن الأداء وأمره بحسن الطّلب.
كما كان من أخلاقه الكريمة الرفيعة التّواضع بين النّاس والحلم والأناة، كما كان عليه الصّلاة والسّلام لين العريكة سهل الجانب لا يجالسه أحدٌ من النّاس إلا أحبّه ولا يراه مهمومٌ إلاّ زال عنه غمّه وكربه من سماحة وجهه وكريم أخلاقه يعود المريض ويمشى في الجنازة ويجيب دعوة النّاس صلوات الله وسلامه عليه.