اجتمع الليل والنهار ذات يوم يتذاكرون في ما بينهم أيهم اكثر فضلا من الاخر فضهب النهار الى أنه الاحسن وأفضل من الليل وزعم أن لا أحد يمكن أن ينازعه في ما خصه الله عز وجل به من صفات ومزايا وقد كان النهار قد زعم أن الناس كلهم يطلبون الرزق في وقت حلوله وذلك بانتشارهم في مناكب الأرض وقد استدل بذلك في قول الله عز وجل في كتابه الكري : " وجعلنا النهار معاشا " ، فبدأت المناظرة في هذا الوقت وقال له الليل رويدك وعلى رسلك يا أيها النهار ورغم أن ما ذكرته صحيح لا يمكن نكرانه الا أن أولائك الناس الذين كنت قد ذكرتهم في كلامك لا يستطيعون أبدا أن يسعوا في الأرض وأن يبحثوا عن أرزاقهم لولا أن أبدانهم وعقولهم واجسادهم قد استراحت في الليل وذلك أن الليل ملاذهم لكي يغدوا نشطين وذلك من أجل أن يبحثوا عن أرزاقهم وقد ذكر الله عز وجل فضل الليل في كتابه الكريم فقال جل في علاه : " قل أرأيتم ان جعل عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه " وذلك أن الليل فيه ملاذ البشر وسكونهم بعد التعب ،
فقال النهار لليل اني لا أنكر ذلك أبدا ولكن اياك أن تهمل وتنسى أيها الليل أن الشمس تشرق وتظهر في وقتي أي في النهار والتي تملأ الأرض سرورا وبهجة للناس بل اياك أن تنسى أيضا أن النبات وحتى الأزهار لا تتفتح الا بقدومي ولا تنس أيضا أن الحشرات والجراثيم تهلك وتتواري أيضا بقدومي اذا أقبلت ، فقال الليل ان ما تقدمت به لصحيح ولكن اياك أن تنسى أن الناس ينتظرون قدومي بفارغ الصبر وذلك لما أحمل من روائع كونية تظهر في وقتي وتجذب المتاملين من الناس وتجعلهم يسرحون بجمال قمري وشعاعه الفضي الجميل والذي يمتاز بالروعة ناهيك عن النجوم التي تضفي عليا سحرا وجمالا ،
فقال النهار لليل سأنتهي من هذه الأمور وسأنتقل بك الى أمور عظيمة جدا لا أتخيلك تقدر على هزيمتي فيها فقال له الليل تفضل فقال له النهار اني لاحسن وأفضل منك وذلك لما جعل الله فيا من العبادة وأيضا لما كان لي من فضل كبير وذلك أن خير الأيام عند الله أيام ذي الحجة وهذه الأيام عظيمة جدا فيها الكثيرة من الشعائر العظيمة والتي تقرب الناس من خلالها الى ربهم تبارك وتعالى ، فقال له الليل لقد دخلت في أمور لا أظنك ستخرج منتصرا علي فيها وذلك أن في الليال ليلة عبادتها عند الله خير من عبادة ألف شهر وهي ليلة القدر وناهيك عن بقية الليالي التي تحمل الأجر العظيم بقيامها من قبل الانسان ، فقال له النهار ان هذا لأمر عظيم جدا ، ونظر الليل والنهار الى من حولهم من الناس وأبلغوهم أن الله تبارك وتعالى لم يخلقهم عبثا فيا فوز المستغليين .