كثيراً ما يقال : من المؤكد أنّه لم يكن واعياً حين قام بذلك ! هل يمكن حقاً أن يقوم الانسان بأي فعل بلاوعي أو إرادة منه ؟، وهل هناك علاقة بين الوعي واللاوعي في حياة الانسان ؟
تحدث كثير من علماء النفس حول الوعي واللاوعي عند الانسان ،و إرتباطهما بحاجات الانسان وغرائزه ومن ثم أفعاله وردات الفعل، وقد كان أول من تحدث عن هذه الفكرة بإسهاب العالم النمساوي الاب الروحي لعلم النفس سيجموند فرويد، والذي إهتم بشكل كبير باللاوعي عند الانسان ،وعزا له معظم الافعال الذي يقوم بها الانسان اليه ،وحلل وفسر أرائه من خلال الاستدلال بالاحلام التي يراها الانسان في منامه!
فيما أكد علماء أخرين أن مايقوم به الانسان يكون بكامل إرادته ووعيه، وأن اللاوعي هو حجة لتبرير الغايات والسبل للوصول الى أهدافه بطرق ووسائل غير مشروعة .
ورغم هذه الآراء المتضادة حول الوعي واللاوعي عند الانسان الا أنهما مرتبطان بشدة بالانسان وحاجاته وأحلامه، فالوعي الذي يمثل الشعور واليقظة بالنسبة للانسان ينفذ بطريقة ما أحلام اللاوعي والغيوبة بشكل غير مباشر، عن طريق تحقيق الاحلام والاهداف التي نتمناها ونفكر بها دائما في اللاوعي وتلاحقنا في الوعي لتصبح حقيقة نعيشها . وبغض النظر عن الأحداث والخبرات التي نكتسبها خلال ممارستنا للحياة، فهي مخزنة إما في الوعي فنستخدمها بشكل يومي، أو مخبأة في اللاوعي فنقوم بإستخراجها في حالات معينة من خزائن الذاكرة .
لكن أحياناً هذه الحاجات المخفية فينا عن طريق اللاشعور تحاول الظهور دون أن نكون مدركيين أو دون أن نحاول إستخرجها، فتظهر عن طريق أساليب لاشعورية، قد تكون غير محببة أحياناً، مما قد تسبب بعض الاضطرابات النفسية أو الانحرافات السلوكية التي لا يتقبلها المجتمع خصوصا إذا ظهرت هذه الحاجات بشكل مفاجىء وصادم للانسان.
ولهذا إهتم العلماء بتحليل وتفسير السلوك الانساني لمعرفة ماهيته وحقيقته، فقد يكون بالظاهر يمثل حاجات معينة، وفي الباطن يخدم حاجة أخرى، لكن من المهم عدم المبالغة في تحليل ووتفسير أفعال الانسان حتى لا تتزايد الشكوك بين الناس وتعم الفوضى.