الوالدان
للوالدين مكانة عالية جدا، واحترام، وتقدير في مختلف الثقافات الإنسانية على الرغم من الاختلاف الكبير في طريقة التعامل معهما من ثقافة إلى ثقافة أخرى، وهذه المكانة أتت من مقدار الجهد الذي يبذلانه في سبيل تربية الأبناء، والاهتمام بهم، وبالتالي صناعة المستقبل بكافة تفصيلاته.
ما نراه اليوم، وما كان يراه أسلافنا، وما ستراه الأجيال اللاحقة من حالات عقوق للوالدين لا يمكن البناء عليها لجعل هذه المشكلة مشكلة متفشية، فمهما كانت الأعداد كبيرة في دور إيواء المسنين، ومهما سمعنا عن حالات اعتداء من قبل الأبناء على والديهم تبقى النسبة العظمى غير ذلك، ويبقى الخير هو القاعدة العامة، ولكن مع ذلك فإن تنامي حالات اعتداء الأبناء على آبائهم ظاهرة تستحق الدراسة من قبل النخب المجتمعية، ولا يجب ترك هذه الظاهرة تمر دون التفات أو دراسة خاصة إذا كان المجتمع يعتقد بمعتقدات ترسخ وتؤصل مسألة احترام الآباء والأمهات وتوقيرهم.
لا يعرف الكثيرون الطريقة التي يبرون بها آباءهم، وهذا ربما يرتبط مع ما ذكر سابقا مع وجود مشكلة حقيقية في المجتمع، فبعض الناس يظن أن مسألة احترام الآباء تقتصر فقط على عدم رفع الصوت عليهم، والإنفاق عليهم في حالة المرض وغير ذلك، فهذه الفئة لم تع أن هذه الأمور هي من البديهيات، وأن مسألة توقير الآباء تتجاوز هذه الشكليات بمراحل إلى تعرف ما هو أكبر من ذلك، وفيما يلي تفصيل ذلك.
طريقة التعامل مع الوالد
- التعامل سواء مع الوالد أو الوالدة يجب أن يكون أولا بإعطائهم كافة حقوقهم الشرعية والقانوينة المفروضة على الابن، من رعاية صحية، وإنفاق مالي، وتأدب في الكلام، وعدم الاستهزاء بهم، أوعدم رفع الصوت عليهم، وعدم التأفف في وجوههم، وغير ذلك من الأمور.
- يجب أن يهتم الابن بالحالة النفسية لوالديه، وذلك من خلال مراعاة أثر الزمن عليهما، فالآباء إجمالا خاصة الكبار في السن يشعرون عادة أنهم يعيشون في زمن غير زمنهم، وهذا الإحساس ينتج عن إهمال الناس لهم، فينتابهم شعور بأنهم صاروا عديمي القيمة، مما يدخل الكآبة على نفوسهم، ومن هنا فإن الابن يجب أن يستشير أمه وأباه في كل صغيرة وكبيرة يمر بها، وأن يدخل إليهما الإحساس بأنهما أولى أولوياته، وأن قيمتهما ثابتة لا تمس، وأنهما ملاذه الأول والأخير، أما اليوم وفي مجتمعاتنا العربية، بدأ الشباب يشعرون بأنهم تحرروا من سلطة الكبار، والآباء، وهذا ناتج من ارتفاع ثقتهم بأنفسهم، مما جعلهم في غاية التطرف مع كل رأي أو مشورة تأتيهم من شخص يكبرهم سنا خاصة الآباء، وهذه نقطة لا بد أن يقف عندها كل شاب وقفة صادقة، وليتذكر كل شاب وشابة أن الزمن سيتجاوزه أو يتجاوزها كما تجاوز من قبله.
- من الضروري قضاء وقت مع الأب والأم والعائلة بشكل يومي، والاهتمام بالأوقات المقدسة كأوقات تناول الطعام، فبعض الأبناء يأخذون وجباتهم ويذهبون إلى غرفهم ويتناولون الطعام بأنفسهم، وهذا مما لا يصح، فهناك أوقات يجب قضاؤها مع العائلة، كما أن هناك أوقات يقضيها الإنسان مع نفسه ليمارس هواياته التي يحبها.
- يجب إظهار احترام الأب والأم أمام الناس الآخرين، وحتى لو تفوه أحدهما بتعرف ما هو خاطئ، أو بما لا يتفق مع القناعات الشخصية، أو المشاهدات الواقعية، فيجب في هذه الحالة على الابن أو الابنة أن يظهرا احتراما كبيرا لما قيل على لسان الأب أو الأم، وعندما ينفض الاجتماع، ويتفرق الناس، يتناقش الطرفان بأدب واحترام، ويصححان وجهات النظر المتباينة.