شرع الله سبحانه لعباده شرائع وأحكامٍ تنظّم حياتهم ، فيستبينوا طريقهم فلا يضلّوا ، فالله سبحانه حين خلق عباده خلقهم وهو يعرف ما يصلح حالهم ، فلأجل ذلك وجب اتباع الشّرع والحكم بشريعة الله سبحانه وتعالى وعدم العدول عنه إلى شرائع وضعيّةٍ من صنع البشر ، فالبشر فيهم من النّواقص والعيوب ما لا يؤهّلهم للتّشريع ، فهم مفتقرون لخالقهم دائماً وبنوره يهتدوا الطريق .
و قد بعث الله للأمم رسلاً وأنزل معهم شرائع وكتباً ، فأنزل على موسى التوراة وأنزل على عيسى الإنجيل وأنزل على سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام المعجزة الخالدة والكتاب المهيمن على من سبق وهو القرآن الكريم ، فكان القرآن الكريم هو أوّل وأهمّ مصادر التّشريع للمسلم ، فهو الكتاب المتعبّد بتلاوته الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو قطعيّ الثّبوت عن ربّ العزّة لذلك كان عدم الإيمان به كفراً بواحاً .
و قد بيّن الرّسول الكريم أنّه قد أوتي القرآن ومثله معه ، فقد جاءت سنّة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام في المرتبة الثّانية من مصادر التّشريع وقد عني العلماء والسّلف الصّالح بدراسة الحديث فكان علم تخريج الحديث أي بيان مدى صحّته وضعفه وبحثوا كذلك في متن الحديث وبيان أحوال رواة الحديث في علمٍ عظيمٍ سمّي علم تراجم الرّجال ، فالسّنّة النّبويّة هي مصدرٌ أساسيٌ للتّشريع ، جاءت مفسرةً ومبينةً لكثيرٍ ممّا أجمله القرآن الكريم من الأحكام والتّشريعات كصفة الصّلاة والوضوء والحجّ وغيرها الكثير ممّا بيّنه الرسول لصحبه الكرام فاستنّوا بسنته وهديه الذي ما زال قائماً حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
و إنّ من الأمور الأساسيّة في التّشريع هي الإجماع فالأمّة كما صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا تجتمع على ضلالة ، فكان إجماعها على تشريعٍ أو حكمٍ مصدرٌ من مصادر التّشريع ، وهناك مصدر القياس وهو تسوية فرعٍ بأصلٍ في حكمٌ واحدٌ لعلّةٍ جامعةٍ بينهم ، فالمخدرات مثلاً حرّمت قياساً على تحريم الخمر لعلّة الضّرر والمفسدة انطلاقاً من قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، وهناك مصادرٌ أخرى للتّشريع اختلف فيها العلماء منها الاستحسان وشرع من قبلنا وقول الصّحابي والمصلحة المرسلة والعرف .