أبو فراس الحمداني، اسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الوائلي، وهو شاعر عربي، حكمت أسرته الحمداني في منطقتي العراق والشام، وكانت العاصمة في حلب. وهو ابن عم القائد العربي المشهور سيف الدولة الحمداني. في وقت نشأته، كان العرق العربي في جسم الدولة ضعيفاً نظراً الدخول الأعراق الأخرى إليها، حيث كانت هناك حروب تخوضها الدولة الحمدانية لتثبيت ركائز حكمها، وفي هذه الأجواء كبر أبو فراس الحمداني فارساً إضافة إلى كونه شاعراً من الطراز الرفيع، وبعد أن أبت كفاءته لابن عمه سيف الدولة، أعطاه سيف الدولة ولاية مقاطعة منبج فحكمها احسن وأفضل حكم ودافع عنها احسن وأفضل دفاع.
كثرت المواجهات بين بني حمدان والرومان، إذ أن الدوملة الحمدانية كانت لها ثغور كثيرة قريبة من الدولة الرومانية، وكان أبو فراس الحمداني يشترك في هذه المواجهات، وفي إحدى المواجهات بين الحمدانيين والروم ، وقع شاعرنا في الأسر بيد الروم، وتحديداً في معركة عرفت باسم معركة مغارة الكحل، فأخذه الروم إلى منطقة قرب نهر الفرات، ثم نجا من هذا الأسر والحقيقة ان المؤرخين اختلفوا في طريقة نجاته فمنهم من قال أن سيف الدولة افتدى ابن عمه ومنهم من قال أن أبو فراس الحمداني فرّ بنفسه ونجا.
ثم بعد ذلك عادت المواجهات بين الحمدانيين والروم، وكانت هناك معارك كبيرة بينهم وكانت الغلبة في كثير من الأحيان للحمدانيين إلا أنه أيضاً وضع في الاسر مرة أخرى، فأخذه الرومان إلى القسطنطينية، فأرسل رسائل كثيرة إلى سيف الدولة كي يفديه ويخرجه من الأسر، وكان سيف الدولة في هذه الفترة منشغلاً بحروبه ضد الروم، حيث أن شوكتهم كانت قد قويت، واستطاع الرومان انتزاع حلب من سيف الدولة، إلا أن سيف الدولة استجمع قواه مرة أخرى وعاود الهجوم على الرومان واستعاد حلب، وأسر عدداً من الجنود الروم وبادلهم بالأسر الذين عند الروم، وافتدى ابن عمه بهذه الطريقة. بعدها بعام قتل أبو فراس الحمداني في معركة بحمص على يد من يريدون السطلة والطامعين في الحكم.
لم يستطع أبو فراس الحمداني جمع أشعاره في ديوان واحد، إلا أن ابن خالويه فعل ذلك، وهو من الذين عاصروا هذا الشاعر الفذ. كما قيل في الحمداني " بدأ الشعر بملك وانتهى بملك " والملك الأول هو امرؤ القيس أما الثاني فهو أبو فراس الحمداني. من أشهر أبيات الحمداني ما قال فيها:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر...أما للهوى نهي عليك ولا أمر؟
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة...ولكن مثلي لا يذاع له سر
