من خير الزّاد الذي يؤدّي التّزود فيه إلى دخول الجنّة هو التّقوى ، فالتّقوى هي ما يجعله المسلم في قلبه من الخشية و الرّهبة من ربّ العالمين ، و التّقوى هي سمة الصّالحين على مرّ الأزمان ، و قد عرّفها سيّدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه تعريفاً موجزاً بليغاً معبّراً حيث قال إنّ التّقوى هي الخوف من الجليل ، و العمل بالتّنزيل ، و الرّضا بالقليل ، و الاستعدام ليوم الرّحيل ، و قد فسّرت التّقوى كمن يسير في طريق به شوك و أذى فتراه يتجنّب ذلك في مسيره و يتحاشاه لئلّا يضرّه حتّى يصل إلى الهدف المنشود و الغاية المطلوبة ، فمع التّقوى يمتلك الإنسان قوةً إيجابيّةً تمكّنه من اجتناب المعاصي و الآثام ، و تعينه على الطّاعة و البرّ و حسن الخلق و مراقبة الله سبحانه و تعالى في السرّ و العلن ، و هي معيار التّمييز بين المسلمين ، و كان من صفات أولياء الله سبحانه و تعالى أنّهم من آمنوا بالله و كانوا يتّقون ، و بدون التّقوى يصبح الإنسان عرضةً للوقوع في الذّنوب و المعاصي ، فالتّقوى هي حصنٌ حصينٌ و درعٌ مكين يقي الإنسان و يحفظه و يرتقي به في الدّرجات ، فيرضى الله سبحانه و تعالى عنه .
و إنّ تجليّات التّقوى في حياتنا تتمثّل في جميع السّلوكيات التي يقوم بها المسلم إرضاءً لله عز وجلّ و في سبيله ، كما تتمثّل في الاعتقاد القلبي و المشاعر التي يحملها المسلم في قلبه من خشيةٍ و رهبة ، و لو أردنا أن نصف المسلم التّقي لقلنا أنّه هو الإنسان المؤمن بربّه ، الرّاضي بقضائه و حكمه ، الذي يلجأ الى الله عز وجل في كلّ أحواله ، إن أصابه خيرٌ حمد الله تعالى على ذلك ، و إن أصابه شرٌ أو ابتلاءٌ صبر على ذلك مبتغياً الأجر و الثّواب من عند الله ، و هو دائم الاستغفار و الإنابة إلى ربّه ، تراه في لحظات الدّجى و حين يرخي الليل سدوله يناجي ربّه و يدعوه ، و تتساقط عبرات الخشية من الله و المحبة و الاشتياق له على وجناته ، لتمنحه نوراً و ضياءً يعلو محياه .