أبو الطيب المتنبي
المتنبي هو حكيم وأديب وشاعر، بل إنه يعتبر من أعظم شعراء العرب وأكثرهم تمكنا من اللغة ومفرداتها وقواعدها، ولد في الكوفة عام تسعمئة وخمسة عشر ميلادية.
وصف المتنبي بأنه أعجوبة عصره ونادرة زمانه، وبقيت قصائده حتى يومنا هذا مصدرا روحيا للشعراء والأدباء، تدور مواضيع جل أشعاره حول مدح الملوك، وصف بأنه شاعر أناني ويظهر هذا الأمر من خلال قصائده، نظم الشعر منذ حداثة سنه، حيث إنه نظم أول قصائده وهو في التاسعة من عمره.
عرف المتنبي بحدة ذكائه وكبريائه وشجاعته وطموحه، كان يهوى المغامرات ويعتز بعروبته، وكان مزهوا بنفسه، واشتهرت قصائده بما تحمله من فلسفة للحياة وحكمة عالية.
يعتبر المتنبي مفخرة للأدب العربي لغزارة إنتاجه واجتهاده، وقد تضمنت أعماله معاني مبتكرة وحكما بليغة وأمثالا شهيرة سائرة.
عصر المتنبي
نشأ المتنبي في عصر الدولة العباسية، وقد شهدت الفترة التي نشأ فيها شاعرنا تفككا في الدولة، وتقسيمها لعدد من الدويلات التي أنشئت وقامت على أنقاض الدولة العباسية، ووصفت تلك الفترة بأنها فترة التصدع السياسي لما شهدته من توترات وصراعات عاشها العرب في تلك الفترة، وأيضا وصفت بأنها فترة النضج الحضاري.
أثر البيئة العامة في بزوغ نجم المتنبي
انحسرت هيبة الخلافة في مدينة بغداد في تلك الفترة، وكانت السلطة الفعلية تتمركز في أيدي عدد من الوزراء وقادة الجيوش، وكان معظم هؤلاء من أصول غير عربية، أعقب هذا الأمر ظهور عدد من الإمارات والدويلات المتصارعة وتحديدا في بلاد الشام، بالإضافة لتعرض حدود الدولة للغزو الخارجي من الروم، وبفعل كل هذا ظهرت عدد من الحركات الدموية كحركة القرامطة.
هذا في الشأن السياسي وترديه في ذلك العصر، أما الشأن الثقافي فقد شهد نضجا كبيرا في تلك الفترة، ويعود السبب في ذلك إلى تعدد الكيانات السياسية المتنافسة التي كان يتولى زمام أمورها عدد من الأمراء والوزراء، وكان لكل كيان مجلس يجتمع فيه عدد من العلماء والشعراء، حيث كان يعتبر هؤلاء هم صلة الوصل بين الحكام والمجتمع، بالإضافة لكونهم وسيلة تفاخر ودعاية، ومن انتظم منهم في المجلس يدل على اتفاقهم على إجلال وإكبار الأمير أو الوزير الذي يدير المجلس، أما من يختلف من العلماء أو الشعراء مع من يدير المجلس الذي يقع في بغداد على سبيل المثال فإنه يرحل إلى مجلس آخر في دولة أخرى، فإن كان معروفا استقبله مجلس الدولة المقصودة الجديدة وأحسن إليه وأكبره لينافس نده أو ليفاخر بصوته.
نشأ المتنبي في ظل هذا العالم المضطرب المفكك، وبفضل فطنته وذكائه تنبه لما يدور حوله، وأخذ بتلك الما هى اسباب مستغلا في هذا الأمر ثقافته العالية وشغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن كبير مع مرور الأيام والسنين والتي أثمرت بميلاد أعظم عباقرة الشعر العربي.