الشعر الحديث
يطرح في الحلقات الثقافية والمقالات النقدية مصطلح الشعر الحديث في إشارة إلى طبيعة نصوص شعرية معينة، وقد صك هذا المصطلح من قبل نقاد الأدب والمؤرخين ليشير إلى الفترات الزمنية التي واكبت عدة ملامح تجمعت في الأساليب الشعرية، ويقصد بالشعر الحديث في اللغة العربية القصائد الشعرية التي كتبت في الفترة المصاحبة والتالية للنهضة العربية، والتي اختلفت بشكل جذري في الأسلوب والبناء والأغراض الشعرية والموضوعات عن أشعار الفترة التي سبقته.
ظاهرة الشعر الحديث
القيمة
أضاف الشعر الحديث إلى مسيرة الإبداع الأدبي العربي بالتعبير عن المظاهر الحضارية والاجتماعية والحالة النفسية للشاعر والمجتمع في العصر الحديث، ولما كانت الوسائل الفنية القديمة غير ملائمة للتعبير عن روح هذا العصر، فقد تحول عنها الشعراء واتجهوا إلى ابتداع طرق ووسائل للتعبير مرتبطة بالواقع، مستخدمين في ذلك مقاربات في كل من الأسلوب والتعبير والصور بين الأسطورة والرمز، وبين الواقع ومشكلاته، ونمى الشعر الحديث بنمو التجربة وتحولها.
اللغة
اللغة أحد ركائز ظاهرة الشعر الحديث بسبب التطور اللغوي الذي صاحب التجارب الشعرية المختلفة، حتى أصبحت لكل شاعر لغته الخاصة، واعتمد كل منهم على مفرداته؛ فمن الشعراء من كان يعتمد على استخدام المعجم اللغوي التقليدي، ومنهم من اتجه إلى التقارب مع لغة الحديث اليومية، بينما اتجه شعراء آخرون إلى السمو بالمفردات إلى حد الغموض ليصل المعنى إلى المتلقي من خلال الإيحاء.
الصورة
من ناحية الصور الشعرية فقد تخلص الشعراء المحدثون من سيطرة التراث على المخيلة، واتجه الشعراء إلى استخدام صور مرتبطة بالتجربة الذاتية للشاعر ذاته؛ فأصبح الشاعر يستحضر مشاهد من تجاربه وخبراته بدلا من المشاهد الملحمية المترسخة في الوعي والثقافة العربية.
الموسيقا
سار التطور الموسيقي في طريق الذاتية مثل بقية العناصر التي كونت تلك الظاهرة؛ فقد بدأت التجارب الذاتية تمتد في البناء الشعري إلى استخدام الموسيقا وتطويرها، فحاول البعض استخدام بناءات موسيقية جديدة بينما التزم البعض بالإيقاع الموسيقي التقليدي مع التجديد في داخله، وفي كلتا الحالتين كانت الموسيقا خاضعة تماما لتجرية الشاعر سواء في استخدامها أو تطويرها.
استقر الشعر الحديث على أسس موسيقية ثابتة أمكن استخلاصها من مجموع تجارب أبرز الشعراء المحدثين، أهمها: استخدام الشعراء لبحور شعرية محددة يولدون من خلالها تفعيلات جديدة، والتزموا في التطوير بالوزن العام للشعر العربي التقليدي، مع الاتجاه إلى ربط التجربة الذاتية والدفقات الشعورية بالموسيقا؛ فأصبح التنغيم الداخلي أكثر استخداما وتطورا، واستخدم أسلوب التدوير في إخضاع القارئ للحالة الشعورية للنص.